بيناه في صدر الكتاب.

والوجه الأخر: هو أنه لا يمتنع في حكمته أن يوجب بعض ماله صفة الوجوب, (ويسقط مثله) , وبعض مافيه مصلحة المكلف, ويسقط مثله, بل لا يمتنع أن لا يكلفه شيئا من مصالحه, لأنه لا يجب عليه سبحانه للعبد بشيء على وجه, فسقط ماقالوه.

قالوا: ويدل على ذلك- أيضا- أنه لو كان الواجب من المخير فيه واحدا بغير عينة. كان غير متعين للمكلف, وإنما يتعين عندكم بالفعل به ونية الوجوب ولو كان ذلك كذلك لوجب أن يكون معينا عند الله تعالى لكونه سبحانه عالما بما يفعله المكفر من الثلاث وما ينوي وجوبه منها. وإذا كان ذلك معلوما له فقد علم أن ذلك الواحد هو الواجب الذي يفعل ويعتقد وجوبه. فوجب تعلق الوجوب به وحده. وأن يكون هو المراد لله تعالى دون غيره. وأن يعلم أن غيره ليس بواجب. وأن لا تخيير بين ما يعلم وجوبه. وبين ما يعلم أنه ليس بواجب. وأن لا يجزئ المكلف غير ذلك المعلوم وهذا خلاف الإجماع, فبطل ما (زعموا وثبت ما قلناه).

يقال لهم: هذا فاسد من وجوه:

أحدهما: إن الوجوب وإن تعين بالفعل واعتقاد الوجوب والنية له. فهو قبل الفعل غير متعين ولا منوي وجوبه, ولا يجب إذا علم الله عز وجل أن المكلف يختار واحدا منه ويفعله أن يكون متغير الوجوب قبل وقوعه, لأنه قبل وقوعه غير

طور بواسطة نورين ميديا © 2015