بأدلة العقول، وليس برجوع إلى نقل وتوقيف، وذلك باطل.

والوجه الآخر: إنه قد أخطأ القائل بأن مطلق النهي يقتضي قبح المنهي عنه، لأن النهي قد يكون ندباً وتنزيهاً وفضلاً ليس على الوجوب والتحريم، كما يكون الأمر ندباً لا إيجاباً. وقد دللنا على ذلك من قبل.

وأخطأ - أيضاً- في قوله: إن النهي إذا دل على قبح المنهي عنه دل على قبح أمثاله في جميع الأوقات، لأن مثل القبيح المنهي عنه في وقت يكون حسناً مأمور به في وقت آخر، ومثل الحسن الواجب في وقت من العبادات يكون حراماً قبيحاً في وقت أخر وصاحب هذا الفرق توهم أن مثل القبيح لا يكون أبداً قبيحاً. ليس الأمر على ما ظنه.

وقد أخطأ - أيضاً- في قوله إن الأمر إنما يدل على حسن المأمور به. وإذا دل على حسنه وجب فعله مرة واحدة. فإن الحسن لا يجب فعله مرة واحدة من حيث كان حسناً ولا على الدوام، ولأن من الحسن ما يجب الدوام على امتثاله. ومنه ما لا يجب إلا مرة واحدة كالحج الواجب. وقد يكون من الحسن ما لا يجب مرة واحدة. ولا على الدوام وهو النقل المندوب إليه، فبطل ما قالوه ووجب الاعتماد على ما قلناه من قبل في الفرق بين الأمر والنهي عند من قال إنهما مفترقان فيما ادعوه.

واستدلوا على ذلك - أيضاً- بأنه لا خلاف في أنه يجب تكراره إذا قيد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015