الجهاد. وكذلك فلا يلزم من فرضت عليه الزكاة إذا ملك المال تطلب المال والتوصل إلى ملكه لكي تجب الزكاة عليه. وإنما تجب إذا اتفق حصول المال مع من يلزمه الفرض، وعلى صفة من تجب عليه ملزوم تنفيذه. وأما إذا لم يتفق ذلك لم يجب عليه التوصل إليه.

وليس هذه حال من قيل له: صل بطهارة وستر العورة وطف بالبيت بعد قطع المسافة. وافعل العلم بصدق النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد العلم بالله تعالى. لأنه مطالب بفعل ما لا يصح الفعل الثاني إلا بعد حصوله. وقد كان يجوز أن يفرض عليه اكتساب المال والسعي في تحصيله لتجب عليه الزكاة فيه، لأن الاكتساب والسعي من فعله، كما يجب على الإنسان الاكتساب لما ينفقه في قوته وقوت من يلزمه الإنفاق عليه. ولكن الله تعالى أسقط ذلك وخفف بزواله المحنة.

فصل: واعلموا - رحمكم الله - أنه لا فصل بين سقوط وجوب الفعل بخروج المكلف عن صفة من يلزمه الفعل بسبب من فعل الله تعالى أو بسبب من فعل نفسه، لأنه لو أزمنه الله عز وجل، وأبطل جوارحه لزال عنه فرض التصرف والمشي والبطش ولو قطع يد نفسه وكسر رجله فصار بذلك زمنًا لزال الفرض عنه. وهذا مما لا خلاف فيه. وقد كان يصح في عدل الله وحكمته تكليف من هذه حاله إذا كان عاقلًا وممن يصح منه معرفة الخطاب وتلقيه على ما بيناه من قبل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015