فإن قالوا بضرورة أمسك عنهم وإن قالوا بدليل سئلوا عنه فإن قالوا: الدليل على ذلك أنه ما ظهر بينهم شيء تعلقوا به في الإيجاب والتحريم وكون القول "افعل ولا تفعل" أمرًا ونهيًا غير هذه الظواهر.

يقال لهم: هذا نفس دعواكم التي تكررونها وتعتمدون عليها وهي غير مقبولة, وفيها وقعت المخالفة, فلم قلتم: إنه ما ظهر بينهم سوى ذلك؟ فخصمكم يقول قد ظهر بينهم ما علموا به كونها أمرًا واجبًا.

فإن قالوا: لو ظهر بينهم شيء تعلقوا به في ذلك سوى هذه الظواهر لنقل ولعلمناه.

يقال لهم: ولم قلتم ذلك؟ وما الذي أوجب عليهم نقل تلك الأمور المقارنة للظواهر؟ أو لستم تزعمون أنهم تعلقوا بمجرد القول "افعلوا ولا تفعلوا" فما أنكرتم - أيضًا - أن يكون إنما تعلقوا بها لأجل صلاتها وقرائنها وإن لم يقولوا ذلك أو لم ينقل عنهم.

ويقال لهم: ما أنكرتم من أنه يقال لا يجب نقل الأسباب والنصوص التي علموا بها كون هذه الألفاظ أمرًا وكون بعضها واجبًا, وأن يكون / ص 156 إفهامهم من بعدهم على أنهم مجمعون على أنها أوامر واجبة آكد وأحوط من ذكر الأسباب والألفاظ الدالة على ذلك, لأن كل سبب يذكرونه بعينه يمكن تأويله, واعتراض الشبه والتأويل فيه, واحتماله الحقيقة والمجاز, والإطلاق والتقييد والحذف والإضمار, وغير ذلك من معاني الكلام وصلاته وإجماعهم لا يصح ذلك فيه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015