وقد استدلوا على ذلك بقوله عليه السلام "ما أمرتكم من أمر فأتوا منه ما استطعتم, وإذا نهيتكم فانتهوا" قالوا: تعلق الأمر بمشيئتنا واستطاعتنا وألزمنا الانتهاء عما نهى فوجب حمل النهي على الوجوب دون الأمر.

والتعلق بهذا - أيضًا - غير صحيح من وجوه:/ ص 142

أولها: إنه من أخبار الآحاد, ولا يعمل في مثل هذا الباب بأخبار الآحاد, لأنها غير معلوم صحتها.

والوجه الآخر: إن قوله عليه السلام: "فأتوا منه ما استطعتم" ليس في ظاهره جعل الفعل إلى اختيارهم ومشيئتهم وتحليل تركه لهم, وإنما فيه إنني آمركم به إذا كنتم, وعلى أي وجه أمرهم به عند الاستطاعة ليس في ظاهره.

وقد يأمرنا بالفعل الذي نستطيعه على سبيل الوجوب, كما يأمرنا به على وجه الندب, قال الله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} ولم يرد بذلك ندبه إلى التقوى دون الإيجاب له, وإنما معنى الآية والخبر أن اتقوه ما دمتم سالمين غير عجزة, بل قادرين على الفعل أو تركه, ولم يرد إثبات استطاعة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015