يفعله إلا بتوقيف من الرسول لأنه إذا لم يبين أنه قاله عن نفسه، فالراوي أوهم أنه سمع خصوصه وصرف المحتمل إلى ما صرف إليه وألزم الناس المصير إلى قوله.

يقال لهم: هذا غير واجب ولعاكس أن يعكس ذلك ويقول. لو قاله عن توقيف وسماء لوجب أن يخبر بذلك، لأن ي إمساكه عن ذلك إبهام أنه قال برأيه وتسويغ الخلاف عليه فيجب ذكره التوقيف وهذا أولى، على أنه إذا علم الراوي أن العلماء يعلمون من حاله بأنه إنما خص العام باجتهاده، وربما خصه وصرف المحتمل إلى بعض محتملاته باجتهاده لم يجب عليه بيان ما لأجله قال ذلك، وله من النظر فيما رواه وحمل كل شيء منه على موجب اللسان وطلب المراد بالمحتمل، لأن قوله العاري عن حجة ليس بدليل لنا على وجوب إتباعه فيه وترك العام والنظر في المحتمل.

ويدل/ على ذلك - أيضًا - اتفاقنا على أن الراوي لو لم يعلم بشيء من العام جملة ولا ببعض وجوه المحتمل لم يجب عليه ترك العمل بذلك، لأجل نفس تركه له، وكذلك إذا ترك بعضه لم يجب تركنا له إلا بحجة تفارق قوله، إذ كان قوله ليس بدليل.

فصل: فإن قال قائل: فما تقولون لو ترك الراوي العمل بالعام جملة وشيء من المحتمل أو صرف الظاهر عن حقيقته إلى المجاز أو خص العام وصرف المحتمل إلى بعض وجوه الاحتمال وصوبته الأمة أجمع على ذلك، هل يدل تصويبها له على أنه قال ذلك عن توقيف وسماع من الرسول أم لا؟

قيل له: لا يدل ذلك على سماعه توقيفًا فيه، بل يدل تصويبها له على أن ما قاله حق وصواب يحرم مخالفته ومخالفة الأمة الموافقة له عليه فيه، لأنه حرام مخالفتها في شيء مما أجمعت عليه وعلى وجه تدين جميعها به.

فأما أن يدل ذلك على سماعه توقيفًا حمل الخطاب عليه فلا، لأنه يجوز

طور بواسطة نورين ميديا © 2015