والذي يدل على أنه لا يجب تخصيص العموم بقول الصحابي أن العموم إذا ثبت كان أحد الأدلة على ثبوت الأحكام، وقول الصحابي ليس بدليل على الحكم، ولا يجوز تقليده بما نبينه في باب إبطال تقليد العالم للعالم، وإذا كان ذلك كذلك وجب ترك قول الصحابي بالعموم.

فإن قالوا: الصحابي لا يخص العام إلا بقول سمعه من الرسول عليه السلام يقتضي التخصص.

يقال لهم: لم قلتم ذلك، وقد يخصه بخبر يسمعه ويخصه تارة باجتهاده وقياسه، ويخصه تارة برواية راوٍ له، وقد يضع القياس تارة في حقه، وقد يقع منه التقصير ويضعه في غير حقه. وإن كان الظاهر من حاله أنه أقرب إلى الصواب منا، وأعلم بوجوه الاستخراج للعلل وأعرف بمقاصد/ الرسول عليه السلام ووجوه التأويل ومعرفة التنزيل وأسبابه، غير أنه مع ذلك أجمع، غير معصوم من الخطأ ووضع الاجتهاد في غير حقه، وترك الاجتهاد فيما يجب الاجتهاد فيه، وهذا الضرب من الخطأ هو الذي عناه أبو بكر وعمر وابن مسعود رضي الله عنهم واستعاذوا بالله منه في قوله: "أي سماء تظللني

طور بواسطة نورين ميديا © 2015