17 - (وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ):

هذا تفخيم وتعجيب وتعظيم لشأْن يوم الجزاءِ وتهويل له، أَي: ما أَعلمك ما هو يوم الدين؟ وأَي شيءٍ هو في شدته وهوله؟

18 - (ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ):

ذلك تفخيم لهذا اليوم إِثر تفخيم وتعجيب منه بعد تعجيب أَي: إِن أَمره لعجيب، وشأْنه لعظيم بحيث لا يستطيع أَحد أَن يدرك حقيقته أَو يقف على كنهه لهوله وعظمته، فهو فوق الوصف والبيان.

قال ابن عباس فيما روي عنه: كل شيءٍ من القرآن من قوله: (وَمَا أَدْرَاكَ) فقد أَدراه للرسول، وكل شيءٍ من قوله: (وَمَا أَدْرَاكَ) فقد طوي عنه.

19 - (يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا وَالأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ):

أَي: في ذلك اليوم وهو ما من الشدة والهول لا يملك ولا يستطيع أَحد أَن يجلب لغيره نفعًا أَو يدفع عنه ضرًّا، بخلاف ما كان عليه الحال في الدنيا؛ فإِن أَهلها كانوا يتغلبون على الملك، ويعين بعضهم بعضًا، ويحمي بعضهم بعضًا، فإذا كانت القيامة بطل ملك بني الدنيا وزالت رياستهم، فلا يحمي أَحدٌ أَحدًا، ولا يغني عنه شيئًا ولا يتغلب أَحد على ملك غيره، وهنا وعيد عظيم وتخويف شديد حيث عرفهم أَنه لا يغني عنهم إلا البر والطاعة يومئذ دون سائر ما كان يغني عنهم في الدنيا من مال وولد وأَعوان وشفعاء، فالأَمر كله في هذا اليوم لله وحده، فقد انقطعت الأسباب وذهبت الوسائل، وزالت الأَغيار، والله وحده هو صاحب الملك والسلطان، وذلك كقوله: (لِمَنْ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ) (?) وقال قتادة: (يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا وَالأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ) قال: والأَمر -والله- اليوم لله -يريد في الآخرة- وقال الواحدي: والمعنى أَن الله - تعالى - لم يملِّكْ في ذلك اليوم أَحدًا شيئًا من الأُمور كما ملكهم في دار الدنيا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015