وإفراد الضمير في قوله: (شهد بالحق) وجمعه في قوله: (وهم يعلمون) باعتبار لفظ مَنْ ومعناها.

87 - {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ (87)}:

أي: ولئن سألت العابدين والمعبودين عمن خلقهم ليقولن: خلقنا الله لا الأصنام ولا الملائكة لتعذر المكابرة في ذلك مع فرط ظهوره {فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ}:

أي: فكيف يُصرفون عن عبادته ويصرفون عنها إلى عبادة غيره، ويشركونه معه - عَزَّ وَجَلَّ - مع إقرارهم بأنه - تعالى - خالقهم جميعًا، أو مع علمهم بإقرار آلهتهم بذلك والمراد التعجب من إشراكهم مع رجاء شفاعتهم لهم وهم يعترفون بأن الله خالقهم، وقيل المعنى: ولئن سألت الملائكة وعيسى (من خلقهم) لقالوا: الله، ومعنى (فأنَّى يؤفكون) أي: فكيف يؤفك هؤلاء المشركون ويصرفون وينقلبون عن الحق في ادعائهم إياهم آلهة.

88 - {وَقِيلِهِ يَا رَبِّ إِنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ لَا يُؤْمِنُونَ (88)}:

الكلام خارج مخرج التحزن والتحسر والتشكى من عدم إيمان أولئك الذين أشركوا بالله، أي: وعند الله علم الساعة، وعدم قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - -: (يارب إن هؤلاء .. ) الآية بعطف قيله علي الساعة من قوله - تعالى -: (وعنده علم الساعة) وقيل: إن الواو للقسم، وقوله تعالى: {إِنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ لَا يُؤْمِنُونَ} جوابه، وفي الإقسام به من رفع شأنه - عليه السلام - وتفخيم دعائه والتجائه إليه - تعالى - ما لا يخفى.

وخلاصة المعنى: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التجأ إلى ربه يشكو قومه الذين كذبوه، وعبدوا غير الله. بما يشير إلى التحسر والتحزن والتشكّى من عدم إيمانهم , وأشار - عليه السلام - إليهم بهؤلاء، دون قومى، تحقيرًا لهم، وبراءة منهم لسوء حالهم.

والمراد من الإخبار بعلمه أنهم لا يؤمنون وعيده إياهم حيث تمسكوا بشركهم، وأبوا أن ينقادوا لدعوة الإيمان.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015