سورة طه

تمهيد:

هذه السورة هي العشرون في ترتيب المصحف، وسميت سورة طه باسم فاتحتها، وتسمى أَيضًا سورة الكليم؛ لأن معظم آياتها في قصة الكليم موسى عليه السلام، وهي مكية، إِلا الآيتين (131،130) من قوله تعالى: {فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ} إِلى قوله سبحانه: {وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى} فإِنهما مدنيتان، وعدة آياتها خمس وثلاثون ومائة.

ومن وجوه مناسبتها لسابقتها .. أنهما مكيتان، ومبدوءتان بأسماء الحروف المتقطعة، وإن أَول هذه متصل بآخر تلك في المعنى، فقد ذكر في تلك إنزال القرآن الكريم بلسان الرسول - صلى الله عليه وسلم -، تبشيرًا للمتقين وإنذارًا للمعاندين، وفي هذه أُكَّد ذلك المعنى. ومما تضمنته هذه السورة ما يلي:

1 - بيان أن إِنزال القرآن الكريم على النبي - صلى الله عليه وسلم -، ما هو إلا للتذكرة والعظة وسعادة البشر في الدنيا والآخرة.

2 - تكليم الله لموسى عليه السلام بالوادى المقدس طوى، واختياره لرسالته التي أساسها {إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} وبهذه الرسالة أَرسل الله رسله جميعًا إلي أُممهم ..

3 - أَمْر الله تعالى لموسى عليه السلام أَن يلقى عصاه {فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى} وأن يخرج يده من جيبه، فتخرج بيضاء من غير سوءٍ، آية أخرى ليرى موسى بعض آيات الله الكبرى.

4 - أمره لكليمه بعد ذلك أَن يذهب إلى فرعون رسولًا مؤيّدًا بهاتين الآيتين ...

5 - سؤَال موسى ربه عزَّ وجل أَن يشرح له صدره، وييسِّر له أمره ويحل عقدة لسانه، ليفْقهُوا قوله، وإن يجعل له أَخاه هارون وزيرًا يشاركه في الرسالة ويعينه على أَعبائها، فقال الله مجيبًا إياه في كل ما سأَل: {قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى (36) وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرَى} يذكره تعالي بنصره له منذ ولادته، حيث نجاه من القتل والغرق، ورَبّاه مكرّمًا مع أمه في بيت عدوه! وقد كان يقتل من يولد في بني إسرائيل من المذكور .. ثم كيف نجاه من قوم فرعون الذين ائتمروا به ليقتُلوه، لما قتل أَحدهم خطأ، ثم ذهب إلى مدين، وصاهر الشيخ الكبير، ولبث

طور بواسطة نورين ميديا © 2015