يعني: السماء.

والبحر المسجور المملوء، يقال: سجرت الإناء إذا ملأته، روي عن علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، أنه قال: هو بحر تحت العرش، فيه ماء غليظ، يقال له: بحر الحيوان، يمطر العباد بعد النفخة الأولى منه أربعين صباحًا، فينبتون في قبورهم.

وهذا قول الكلبي، ومقاتل، قالا: يحيى الله تعالى به الموتى فيما بين النفختين.

وقال مجاهد: البحر المسجور الموقد.

من السجر وهو: إيقاد النار في التنور.

وهذا كما يروى: إن الله تعالى يجعل البحار كلها نارًا، فتزداد في نار جهنم.

أقسم الله تعالى بهذه الأشياء للتنبيه على ما قيل من عظيم القدرة، على أن تعذيب المشركين حق.

وهو قوله: {إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ} [الطور: 7] لكائن في الآخرة.

{مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ} [الطور: 8] يدفع عنهم ذلك العذاب، قال جبير بن مطعم: أتيت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لأكلمه في أسارى بدر، فدفعت إليه وهو يصلي بأصحابه المغرب، وصوته يخرج من المسجد، فسمعته يقرأ: {إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ {7} مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ {8} } [الطور: 7-8] ، فكأنما صدع عن قلبي حين سمعت القرآن، ولم يكن أسلم يومئذ.

ثم بين أنه متى يقع، فقال: {يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا} [الطور: 9] تدور دورانًا وتضطرب، وتتحرك وتستدير، كل هذا من عبارات المفسرين، والمور في اللغة: الذهاب والمجيء، والتردد والدوران.

وتسير الجبال عن أماكنها، حتى تستوي بالأرض.

فويل فشدة عذاب، {يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ {11} الَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ {12} } [الطور: 11-12] يخوضون في حديث محمد عليه السلام، بالتكذيب، والاستهزاء، يلهون بذكره.

{يَوْمَ يُدَعُّونَ} [الطور: 13] يدفعون، {إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا} [الطور: 13] دفعا بعنف وجفوة، قال مقاتل: تغل أيديهم إلى أعناقهم، وتجمع نواصيهم إلى أقدامهم، ثم يدفعون إلى جهنم دفعًا على وجوهم.

حتى إذا دنوا منها، قال لهم خزنتها: {هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ} [الطور: 14] في الدنيا.

ثم وبخهم لما عاينوا ما كانوا يكذبون به، وهو قوله: أفسحر هذا الذي ترون، {أَمْ أَنْتُمْ لا تُبْصِرُونَ} [الطور: 15] ؟ وذلك أنهم كانوا ينسبون محمدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى السحر، وإلى أنه يغطي على الأبصار بالسحر، فلما شاهدوا ما وعدوا به من العذاب، وبخوا بهذا.

وقيل لهم: اصلوها وآسوا شدتها، فاصبروا على العذاب، {أَوْ لا تَصْبِرُوا سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ} [الطور: 16] الصبر والجزع، {إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [الطور: 16] أي: جزاء ما كنتم تعملون من الكفر والتكذيب.

ثم ذكر ما للمؤمنين، فقال: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ {17} فَاكِهِينَ بِمَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ {18} كُلُوا وَاشْرَبُوا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015