تفسير سورة الفتح

صلح الحديبية وآثاره

إن أهم شيء في حياة الشعوب والأمم المعاصرة الاعتراف بهم من الدول أو أنظمة الحكم الأخرى ليصير لهم وجود قانوني دولي، فيصبح التعامل معهم والتبادل وإبرام المعاهدات ذا صفة نظامية قوية، ومن هنا كان صلح الحديبية بين النبي صلّى الله عليه وسلّم وأمته وبين المشركين القرشيين أصحاب الزعامة العربية فتحا عظيما سمي فتحا مبينا، والفتح الأكبر أو الأعظم في السنة السادسة من الهجرة، تمهيدا لفتح مكة، قال الزهري: «فما فتح في الإسلام فتح قبله كان أعظم منه» . ونزلت سورة الفتح المدينة (بعد الهجرة) بسببه، بعد انصراف النبي صلّى الله عليه وسلّم من الحديبية، فهي بهذا في حكم المدني.

أخرج الحاكم وغيره عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم قالا: «نزلت سورة الفتح بين مكة والمدينة في شأن الحديبية من أولها إلى آخرها» وهذا مطلعها:

[سورة الفتح (48) : الآيات 1 الى 7]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً (?) لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِراطاً مُسْتَقِيماً (?) وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْراً عَزِيزاً (3) هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدادُوا إِيماناً مَعَ إِيمانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَكانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً (4)

لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَكانَ ذلِكَ عِنْدَ اللَّهِ فَوْزاً عَظِيماً (5) وَيُعَذِّبَ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَساءَتْ مَصِيراً (6) وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَكانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً (7)

«1» «2»

طور بواسطة نورين ميديا © 2015