بمسلط إلا على من تولى وكفر، فأنت مسلّط عليه بالجهاد، واللَّه يعذبه بعد ذلك العذاب الأكبر، فلا نسخ في الآية على هذا التقدير.

والأظهر في رأي بعض المفسرين أن يكون الاستثناء متصلا، لا باعتبار الحال، فإن السورة مكية، ولكن بالنظر إلى الاستقبال، أي إلا المصرّين على الإعراض والكفر، فإنك تصير مأمورا بقتالهم، مستوليا عليهم بالغلبة والقهر (?) .

والظاهر لدي أن يكون الاستثناء منقطعا، أي لست بمصيطر ولا بمستول عليهم، ولكن من تولى وكفر، فإن للَّه الولاية والقهر عليه، فهو يعذبه العذاب الأكبر في الآخرة، بعد العذاب الأصغر في الدنيا وهو القتل والسبي، كما قال تعالى: وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى دُونَ الْعَذابِ الْأَكْبَرِ، لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ [السجدة 32/ 21] . وهذا ما سار عليه أغلب المفسرين، مشيرين إلى القول الثاني بصيغة (قيل) المفيدة للتضعيف.

4- تضمنت السورة في خاتمتها ما يصلح للوعد والوعيد والترغيب والترهيب، فإن مصير جميع الناس ورجوعهم بعد الموت إلى اللَّه عز وجل، وحسابهم إليه وحده.

والحساب وإن كان حقا للَّه تعالى، ولا يجب على المالك أن يستوفي حق نفسه، إلا أنه تعالى جعل الحساب واجبا عليه، إما بحكم وعده الذي لا خلف فيه، وإما بمقتضى الحكمة والعدل، فإنه لو لم ينتقم للمظلوم من الظالم، لكان ذلك شبيها بكونه تعالى راضيا بذلك الظلم، وتعالى اللَّه عنه، فلهذا السبب كانت المحاسبة واجبة (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015