بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

1 - 3. قوله تعالى: {وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3)}.

في هذه الآيات: يقسم اللَّه سبحانه بالوقت -وهو العمر- أن الإنسان مظنة الخسران، إلا إن كان من أهل الإيمان والعمل الصالح والشكر للَّه بمقابلة الإحسان بالإحسان، وكان من أهل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر -في جماعة الحق- أهل الصبر على الغربة والمحن عبر الأيام.

فقوله تعالى: {وَالْعَصْرِ}. قسَمٌ من اللَّه سبحانه بالدهر. وعن ابن عباس: ({وَالْعَصْرِ} قال: العصر: ساعة من ساعات النهار). وقال الحسن: (هو العشي).

قلت: والراجح الأول وهو عموم الزمان الذي يقع فيه حركات بني آدم، من خير وشر. فأقسم تعالى بالزمان لما في مروره من أصناف العجائب. قال القرطبي: (أيّ عصر أقسم اللَّه به عز وجل، لما فيه من التنبيه بتصرف الأحوال وتبدّلها، وما فيها من الدلالة على الصانع).

وقوله تعالى: {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ}. هو جواب القسم. ويعني بالإنسان جنس الناس. قال الأخفش: ({لَفِي خُسْرٍ}: لفي هَلكَةٍ). وقال الفراء: (عقوبة). قال ابن جرير: (يقول: إن ابن آدم لفي هلكة ونقصان). وقيل: لفي غَبْن. وقال ابن زيد: (لفي شر). والمعنى متقارب. وهو كقوله تعالى: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4) ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ}.

وقوله: {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}. استثناء من الإنسان، الذي هو مظنة الخسران. قال ابن كثير: (فاستثنى من جنس الإنسان عن الخسران الذين آمنوا بقلوبهم، وعملوا الصالحات بجوارحهم).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015