وقد أخرج الحاكم في المستدرك بسند حسن: [أنّ أبا قحافة -عثمان بن عامر- قال لابنه أبي بكر: يا بني! أراك تعتق رقابًا ضعافًا. فلو أعتقت قومًا جلدًا يمنعونَك؟ فقال: إني أريد ما أريد (أي أريد وجه اللَّه لا المنعة) فنزلت الآية {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (6) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (7) وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (8) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (9) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى (10) وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى (11) إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى (12) وَإِنَّ لَنَا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولَى (13) فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى (14) لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى (15) الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى (16) وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى (17) الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى (18) وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى (19) إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى (20) وَلَسَوْفَ يَرْضَى (21)}] (?). والمقصود أبو بكر رضي اللَّه عنه.

فكان -رضي اللَّه عنه- ممن سارع لامتثال قوله عز وجل: {وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا} [المزمل: 20].

وفي صحيح البخاري ومسند أحمد وسنن النسائي والترمذي عن أبي هريرة قال: [قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ أنفق زوجين من ماله في سبيل اللَّه دُعِيَ من أبواب الجنة، وللجنة أبوابٌ، فمن كان من أهل الصلاة دُعِيَ من باب الصلاة، ومن كان من أهل الصدقة دُعِيَ من باب الصدقة، ومن كان من أهل الجهاد دُعِيَ من باب الجهاد، ومن كان من أهل الصيام دُعِيَ من باب الرَّيان". فقال أبو بكر -رضي اللَّه تعالى عنه-: يا رسول اللَّه، ما عَلى أحد من ضَرورةٍ دُعِيَ، من أيها دُعِيَ، فهل يُدعَى منها كلِّها أحدٌ يا رسول اللَّه؟ قال: "نعم، وأرجو أن تكون منهم"] (?).

وفي صحيح البخاري من حديث أبي الدرداء، قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: [إن اللَّه بعثني إليكم فقلتم: كذبتَ، وقال أبو بكر: صَدَق، وواساني بنفسه وماله، فهل أنتم تاركو لي صاحبي؟ مرتين، فما أُوذِيَ بعدها] (?).

تم تفسير سورة الليل بعون اللَّه وتوفيقه، وواسع منّه وكرمه عصر يوم الأربعاء 28 - ذي القعدة - 1426 هـ الموافق 28/ كانون الأول/ 2006 م

طور بواسطة نورين ميديا © 2015