ولا يخذله ولا يكذبه ولا يحقره.

وللإسلام حقوق أخر قد ذكرت في غير هذا الحديث، وقد جمعت في قوله عليه الصلاة والسلام: " ... حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه" ومفهوم قوله: "لا يحقر المسلم" أن الكافر يجوز احتقاره إذ لا حرمة له لعصيانه الله عزَّ وجلَّ {وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ} [سورة الحج: 19].

قوله: "التقوى هاهنا، ويشير إلى صدره ثلاث مرات" يعني أن محل التقوى القلب الذي هو في الصدر، وتحقيق هذا أن مادة التقوى في القلب؛ لأن حقيقة التقوى اجتناب عذاب الله عزَّ وجلَّ بفعل المأمور واجتناب المحظور، ومادة ذلك -وهو الخوف الحامل على ذلك الاجتناب- في القلب، هذا تحقيقه فتأمله.

البحث الثامن: "كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه" أقول: كل المسلم مبتدأ وحرام خبره، ودمه وما بعده بدل منه، وجعل هذه الثلاثةَ كُلَّ المسلم وحقيقَتَهُ لشدة اضطراره إليها. أما الدم فلأن به حياته، والمال مادة الدم، فهو مادة الحياة، والعرض به قيام صورته المعنوية، واقتصر على هذه الثلاثة لأن ما سواها فرع عليها، وراجع إليها لأنه إذا قامت الصورة البدنية والمعنوية فلا حاجة إلى غير ذلك.

وقد وقع في هذا الحديث إضافة كل إلى المعرفة، وقد أنكره بعضهم، وقال: لا تضاف إلا إلى نكرة نحو {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إلا وَجْهَهُ} [سورة القصص: 88] والله عزَّ وجلَّ أعلم بالصواب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015