وتحقيق هذا المقام أن الله عزَّ وجلَّ خلق الخلق وركب (أ) فيهم طباع الخير والشر، فعلم ما يكون منهم بحسب مقتضى طباعهم المركوزة فيهم، فلو أسعدهم وأشقاهم بدون تكليف وعمل اعتمادًا على سابق علمه وحكمته فيهم لكان في ذلك مأمونا غيرَ مُتَّهَمٍ، لكنه سبحانه وتعالى عادل في حكمته (ب) حليم في عدله، والحكمة تقتضي اجتناب مظان التُّهَمِ، فلو عذب بعضهم بموجب علمه فيهم لاتَّهَمُوهُ، فدفع هذه التهمة بأن كلَّفهم حتى ظهرت معصيتهم عن طباعهم المركوزة فيهم من القوة إلى الفعل، وهذا هو سِرُّ قوله عزَّ وجلَّ {لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل} [سورة النساء: 165] وقوله عليه الصلاة والسلام في أطفال المشركين: "الله أعلم بما كانوا عاملين" (?) وفي هذا المقام بسط وتحقيق وفيما ذكرناه تنبيه على المقصود منه.

ومرجع هذا الحديث من الكتاب إلى آيات القدر، نحو {إنا هديناه السبيل إمَّا شاكرا وإمَّا كفورا} [سورة الإنسان: 3] {من يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليًّا مرشدا} [سورة الكهف: 17].

ومن السنة إلى أحاديث القدر، كحديث محاجَّة آدم وموسى، وحديث عليٍّ "كل ميسر لما خلق له" (?) وقوله عليه الصلاة والسلام "اعملوا على

طور بواسطة نورين ميديا © 2015