وجوه إعجاز القرآن

القرآن معجز بكل ما يتحمله هذا اللفظ من معنى، فهو معجز في ألفاظه وأسلوبه، وهو معجز في بيانه ونظمه، وهو معجزة في علومه ومعارفه التي أثبت العلم الحديث كثيراً من حقائقها، وهو معجز في تشريعه وصيانته لحقوق الإنسان، وتكوين مجتمع مثالي تسعد الدنيا على يديه.

وقد ذكر العلماء في وجوه الإعجاز ما يزيد على عشرة أوجه، وسوف نتحدث عن أهمها:

1- الإعجاز اللغوي:

نزل القرآن والعرب في عنفوان بلاغتهم وبيانهم، شعراً ونثراً، وحكماً وأمثالاً، وحديثاً ومقالاً. نزل القرآن فوقفت لغة العرب على أعتاب لغة القرآن في إعجازه اللغوي كسيرة صاغرة، أمام أسلوبه وبيانه.

وقف القرآن من أصحاب هذه اللغة موقف التحدي، فتحداهم أن يأتوا بمثله، ثم تنزل معهم إلى الأخف، فتحداهم أن يأتوا بعشر سور، إلى سورة واحدة، إلى حديث مثله، فما استطاع أحد أن يباريه أو يجاريه منهم، فعجز البيان عندهم، وتحطمت أقلامهم على صخرة بلاغة القرآن وبيانه، ولم يملك شاعرهم ولبيبهم الوليد بن المغيرة إلا أن يقول: والله إن لقوله الذي يقول لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإنه لمثمر أعلاه، مغدق أسفله، وإنه ليعلو وما يُعلى، وإنه ليحطم ما تحته.

2- الإعجاز التشريعي:

عرفت البشرية في عصور التاريخ ألواناً مختلفة من المذاهب والنظريات، والنظم والتشريعات، التي تستهدف سعادة الفرد في مجتمع فاضل، ولكن واحداً منها لم يبلغ من الروعة، والإجلال مبلغ القرآن في إعجازه التشريعي.

إن القرآن الكريم مصدر تشريعي متكامل يهتم بتربية الفرد، لأنه لبنة المجتمع، ويقيم تربيته على تحرير وجدانه بعقيدة التوحيد، التي تخلصه من الخرافة والوهم، وتفك أسره من عبودية الأهواء والشهوات حتى يكون عبداً خالصاً لله تعالى.

ثم يدعوه للالتزام بشرائعه في العبادات والمعاملات والأخلاق، التي تمثل منهجاً متكاملاً يغطي علاقته بنفسه وبخالقه وبالآخرين، وينظمها بطريقة تحقق للبشرية السعادة في الدنيا، والفوز والنجاة في الآخرة.

كما يهتم القرآن بالمجتمع المسلم والدولة المسلمة ويضع لها التشريعات التي تكفل قيامها بالحق والعدل.

وخلاصة القول: أن القرآن دستور تشريعي كامل، يقيم الحياة الإنسانية على أفضل صورة وأرقى مثال، وسيظل إعجازه التشريعي قريناً لإعجازه اللغوي إلى الأبد، ولا يستطيع أحد أن ينكر أنه أحدث في العالم أثراً غير وجه التاريخ.

3- الإعجاز العلمي:

القرآن الكريم كتاب عقيدة وهداية، وإعجازه العلمي، ليس في اشتماله على النظريات العلمية التي تتجدد وتتبدل، وإنما في حثه على التفكير والنظر في الكون وتدبره.

ويخطئ كثير من الناس حين يحرصون على أن يتضمن القرآن الكريم كل نظرية علمية، كلما ظهرت نظرية جديدة التمسوا لها محملاً في آية، يتأولونها بما يوافق هذه النظرية، فكثير من النظريات التي ظن الناس أنها أصبحت من المسلمات تتزعزع بعد ثبوت، وتتقوض بعد رسوخ.

وقد اشتمل القرآن على إشارات متفرقة، إلى بعض الظاهر الكونية والحقائق العلمية التي يكشف العلم عنها يوماً بعد يوم. والمسلم على يقين بأن أي مسألة من مسائل العلم أو قاعدة من قواعده يثبت رسوخها، فإنها لا تتعارض مع القرآن بحال من الأحوال. وقد تقدمت العلوم وكثرت مسائلها، ولم يتعارض شيء ثابت منها مع آية من آيات القرآن الكريم، ويكفي هذا دليلاً على الإعجاز العلمي للقرآن الكريم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015