أما ترى اليومَ قد رقتْ حواشيهِ ... وقد دعاك إلى اللذاتِ داعيهِ

وجادَ بالقطرِ حتى خلتُ أنَّ له ... إلفاً ناهُ فما ينفكُّ يبكيهِ

وقال ابن المعتز

باكيةٌ تضحك عن بروقِ ... سرتْ بجيبٍ في الدجى مشقوقِ

مالت إلى المحلِ اليبيسِ الريقِ ... كميلِ مشتاقٍ إلى معشوقِ

واشتملتْ على الثرى كالزيق ... حتى غدا في منظرٍ أنيقِ

كأنما تحكي بكى المشوقِ

وقال الطائي نحوه

كأنَّ السحابَ الغرَّ غيبنَ تحتها ... حبيباً فما ترقأ لهنَّ مدامعُ

وقال أبو عون الكاتب

الأرضُ قد باكرتْ صبوحاً ... تشربهُ من ندى السماء

غيثاً كدمعِ المشوقِ يهمي ... سحاً على الطلقِ والحماء

عن أسحمٍ ضحكهُ فروقٌ ... كالثغرِ يفترُّ عن لماءِ

وأنشدنا المبرد المتقارب

إذا الله لم يسقِ إلا الكرامَ ... فأسقى ديارَ بني حنبلِ

مثلاً مرباً له هيدبٌ ... صدوقُ الرواعدِ والأزملِ

كأنَّ السحابَ دوينَ السماءِ ... نعامٌ تعلقَ بالأرجلِ

وقال عبيد بن الأبرص

دانٍ مسفٍ فويقَ الأرضِ هيدبهُ ... يكادُ يدفعهُ من قامَ بالراحِ

فمنْ بنجوتهِ كمنْ بعقوتهِ ... والمستكنُّ كمنْ يمشي بقرواحِ

وقال كثيرٌ نحو ذلك

والمستكنُّ ومن يمشي بمروتهِ ... سيانِ فيه ومن بالسهلِ والجبلِ

وفي إطباق الغيم يقول امرؤ القيس

ديمةٌ هطلاءُ فيها وطفٌ ... طبقُ الأرضِ تحرَّى وتدرُّ

وقال ابن أبي عونٍ الكاتب في إطباق الغيم وقربه

في مزنةٍ أطبقتْ فكادتْ ... تصافحُ التربَ بالغمامِ

وقال سعيد بن حميد

وترى السماء إذا أسفَّ ربابها ... وكأنما كسيت جناحَ غرابِ

وقال ابن المعتز

كأنَّ الربابَ الجونَ والفجرُ ساطعٌ ... دخانُ حريقٍ لا يضيءُ له جمرُ

وقال آخر

نسجتهُ الجنوبُ وهيَ صناعٌ ... فترقَّى كأنهُ حبشيُّ

وقرى كلَّ قريةٍ كان يقرو ... ها قرى لا يجفُّ منه القريُّ

القريان مجاري الماء وهي المذانب واحدها مذنبٌ وقال آخر في سحابة

جاءت تهادِي مشرفٌ ذراها ... تجرُّ أولاها على أخراها

مشىَ العروسِ ناقصاً خطاها ... كأنما ينحطُّ من حشاها

قوافزُ الجرادِ أو دباها

وأنشد ثعلب في سحابةٍ

يحسبها الناظر من خلفِ الخبا ... ينثرُ نهاضُ جرادٍ أو دَبا

وادرعَ النورُ قميصاً أوقبا

وقال آخر في صفة السحاب إذا أفرغ ماءه

كأنه لمَّا وهي سقاؤهُ ... وانهلَّ من كلّ غمامٍ ماؤهُ

حمٌّ إذا حمشهُ قلاؤُهُ

وقال ابن المعتز في سحابةٍ

جاءتْ بجفنِ الكحلِ وانصرفتْ ... مرهاءَ من إسبالِ دمعٍ منسكبْ

وقال آخر يصف كثرة السيل

يكبُّ فيه دوحةً للأذقانْ ... سحقك بالموسى جمامَ الرهبانْ

ومثله قول أبي قردودة المتقارب

يطبُّ العضاهَ لأذقانها ... كطبّ العتيق اللقاحَ الدقاقا

وقال ابن مقبل يصف زبد سيل

ترى كلَّ وادٍ حارَ فيه كأنما ... أقام عليه راكبٌ متملحُ

باب 32 في

الأثافي

ومن التشبيهات الجياد في الأثافي قول أبي عون الكاتب

لم يبقَ فيها سوى سودٍ محنكةٍ ... كفحمةِ النار فيها هامدٌ هملُ

وقال أبو نواس يهجو القرشي

رأيتُ قدورَ الناسِ سوداً من الصلَى ... وقدرُ الرقاشيينَ بيضاءُ كالبدرِ

يبينها للمعتفي بفنائهمْ ... ثلاثاً كخطِّ الثاء من نقطِ الحبرِ

وقال عديّ بن زيد الرسل

وثلاثٍ كالحماماتِ بها ... بين مجثاهنَّ توشيمُ الحممْ

شبهها بالحمامة لأنَّ فيها بياضاً وسواداً وكذلك قول جرير

كأنَّ رسومَ الدارِ ريشُ حمامةٍ ... محاها البلى واستعجمتْ أن تكلما

وقال أبو نواس في الأثافي

لمنْ طللٌ عارى المحلِّ دفينُ ... عفا عهدهُ إلا خوالدُ جونُ

كما اقترنتْ عند المبيتِ حمائمٌ ... بعيداتُ ممسًى ما لهنّ وكونُ

وقال المرار الفقعسي

في كلِّ منزلةٍ صفائحُ مسجدٍ ... ومواثلٌ في موقدٍ سحمُ

أثرُ الوقودِ على جوانبها ... بخدودهنَّ كأنهُ لطمُ

وقال الطائي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015