ومنَ التشبيهات في الطرد والظفر قول أبي نواس في الكلب

كأنَّ لحييهِ لدى افترارِهِ ... سكُّ مساميرٍ على طوارِهِ

كأنَّ خلفَ ملتقَى أشفارِهِ ... جمرَ غضًى ذرَّ منِ استعارهِ

فانصاعَ كالكوكبِ في انحدارهِ ... لفتَ المشيرِ موهناً بنارهِ

وقال ذو الرمة في سرعة العدوِ

كأنهُ كوكبٌ في إثرِ عفريةٍ ... مسومٌ في سوادِ الليلِ منقضبُ

وأخذ ذلك ابن الرومي فقال في آخر قصيدة له هجا بها رجلاً

خذها تبوعاً لمنْ ولَّى مسومةً ... كأنها كوكبٌ في إثرِ عفريتِ

وقال ابن المعتز في كلبةٍ

وكلبةٍ زهراء كالشهابِ ... تحسبها في سرعةِ انسيابِ

نجماً منيراً لاحَ في انصبابِ ... خفيفةُ الوطئِ على الترابِ

وقال خلف الأحمر في ثور

كالكوكبِ الدري مبتذلاً ... شداً يفوتُ الطرفَ أسرعهُ

وكأنما جهدتْ أليتهُ ... ألا تمسَّ الأرضَ أربعهُ

وقال أبو نواس يصف الكلبَ

أرسلهُ كالسهمِ إذ غالى بهِ ... يسبقُ طرفَ العينِ في إلهابهِ

يكادُ أنْ ينسلَّ منْ إهابهِ ... كلمعانِ البرقِ في سحابهِ

وقال ابن المعتز

وكلبةٍ لم ترَ وقتَ شدِّها ... قطُّ إذا ما أطلقتْ من قدها

خضتُ بها ليلاً يرى كجلدها ... كأنهُ استعارَ لونَ بردِها

فأبصرتْ عشراً أتتْ من بعدها ... وأطلقتْ فانطلقتْ من عقدها

كالسهم لا تحسنُ غيرَ جدها ... أفقدني الرحمن يومَ فقدها

وقال أبو نواس في الكلب

كأنَّ متنيهِ لدى انسلابهِ ... متنا شجاعٍ لج في انسيابهِ

كأنما الأظفورُ في قنابهِ ... موسَى صناعٍ ردَّ في نصابهِ

تراهُ في الحضرِ إذا هاها بهِ ... يكادُ أن يخرجَ من إهابهِ

وقال ابن المعتز

وكلبةٍ تاهتْ على الكلابِ ... بجلدةٍ صفراءَ كالزريابِ

تنسابُ مثلَ الحيةِ المنسابِ

ومعنى قول بي نواس: يكاد أن يخرج من إهابه: لذي الرمة يصف ثورين ندَّا

لا يذخرانِ من الإيغالِ باقيةً ... حتى تكادُ تقرَّى عنهما الأهبُ

وقال كثير في فرس

إذا جرى معتمداً لأمهِ ... يكادُ يفرِي جلدهُ عن لحمهِ

وقال ابن الرقاع في ثورين يعدوان

يتعاورانِ من الغبارِ ملاءةً ... بيضاءَ محكمةً هما نسجاها

تطوَى إذا وردا مكاناً جاسياً ... وإذا السنابكُ أسهلتْ نشراها

وقال الطرماح في ثور

يبدو وتضمرهُ البلاد كأنهُ ... سيفٌ على شرفٍ يسل! ُ ويغمدُ

وقال ابن المعتز في الكلاب

تخالها في حلقِ الأطواقِ ... ضواحكاً من سعةِ الأشداقِ

وقال أبو نواس فيه

ترى إذا عارضتهُ مفرورا ... خناجراً قدْ نبتتْ سطورا

يعطيك أقصى حضرهِ الموفروا ... شداً ترى من همزهِ الأظفورا

منشطاً من أذنهِ سيورا

وقال ابن المعتز

وكلبةٍ غدا بها فتيانُ ... أطلقهمْ من يدهِ الزمانُ

كأنها إذا تمطتْ جانُ ... أو صعدةٌ وخطمها السنانُ

ونجمتْ للحظها غزلانُ ... فلحقتْ ما لحقَ العنانُ

وقال أبو نواس

ترى له شدقين خطا خطا ... وملمظاً سهلاً ولحياً سبطا

ذاك ومتنينِ إذا تمطَّا قلتَ شراكان أجيدا قطا

ترى إذا كان الجراءُ غبطا ... براثنا سحمَ الأثافي ملطا

ينشطُ أذنيهِ بهن نشطا ... تخالُ مأزمينِ منه شرطا

ما إنْ يقعنَ الأرضَ إلا فرطا ... كأنما يعجلنَ شيئاً لُقطا

وقال ابن المعتز في فرس

وأربعٍ كأنها تستلبهْ ... تخالها تعجلُ شيئاً تحسبهْ

وأنشد الجاحظ

يكادُ عندَ ثملِ المراحِ ... يطيرُ في الجوِّ بلا جناحِ

وقال آخر وهو ابن المعتز

تحسبهُ يطيرُ وهو يعدُو

وقال آخر

تفوتُ خطاها الطرفَ سبقاً كأنها ... سهامُ مقالٍ أو رجومُ كواكبِ

كأنَّ بناتِ القفزِ حينَ تفرقَتْ ... غدونَ عليها بالمنايا الشواعبِ

وقال ابن المعتز

فأبصرتْ سرباً من الظباء ... فغادرتهنٌ بلا إعياء

شبهها لحظي على تناءِ ... بمدةٍ من قلمٍ سوداءِ

ترضَى من اللحومِ بالدماءِ

وقال أبو نواس في البازي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015