القرن الأول (?)، وأن الحديث النبوي قَدْ مَرَّ «بمراحل طويلة حتى وصل إلينا محرراً مضبوطاً، وساعدت الطباعة الحديثة على نشر هذا التراث الإسلامي العظيم» (?).

وبهذه النتيجة ختم الدكتور الشهيد الشيخ صُبْحِي الصَّالِحْ بحثه حول تدوين السُنَّة.

مَلاَمِحُ التَّجْدِيدِ فِي المَنْهَجِيَّةِ الحَدِيثِيَّةِ عِنْدَ الدُّكْتُورِ الشَّهِيدِ:

ونحن نجول في هذه الرياض المنمقة من البحوث العلمية الراقية، يلفت انتباهنا حرص الدكتور الصالح على التوثيق الدقيق لكل معلومة مهما كانت، وعلى سوق الأدلة لكل رأي مهما كان ظاهراً. فإذا علمنا أنه - رَحِمَهُ اللهُ - طبع كتابه هذا " علوم الحديث ومصطلحه " للمرة الأولى سَنَةَ 1959م، أدركنا مدى الجهد الذي بذله، بل ومدى الاطلاع الذي يتحلى به - رَحِمَهُ اللهُ -.

ولا يمكننا أن ندرك الجديد الذي جاء به الشهيد على صعيد الكتابة والتوثيق إلا إذا نظرنا في مناهج التدوين عند معاصريه. وقد كتب معه بالتزامن في ذلك الوقت أئمة كبار من مثل العلامة الإمام محمد أبو زهرة - رَحِمَهُ اللهُ -، فكنا نراه يسوق الكلام سوقاً، فيأتي بالأحاديث والأقوال دون إحالات، وكذلك، ممن نقل عنهم الشيخ الصالح في كتابه، العلامة الشيخ عبد الوهاب عبد اللطيف، اقتبس من كتابه " المختصر في علم رجال الأثر"، والكتاب عندي نسخة منه، وما يقال في كتابة الإمام أبي زهرة يقال فيه.

وهذا لا يعني التقليل من هذه الأعمال العلمية، وإنما هكذا كانت المنهجية، والقوم كانوا أمناء على الكلمة، وعلى الفكرة، فما كان أحدهم ليفرط بنفسه يوم القيامة بين يدي الديان. إضافة إلى أن غالب المصادر كانت ما زالت مخطوطات لم تخرج إلى عالم الطباعة بعد. ولا يخفى ما في الإحالة إليها من صعوبة.

ولعل السبب في حرص الدكتور الصالح على التوثيق هو التأثر بالمنهج الغربي للتصنيف من ناحية، ومن ناحية أخرى، قد يكون السبب هو نفس المنهج الذي اتبعه المستشرقون في توثيق المعلومات إيهاماً

طور بواسطة نورين ميديا © 2015