وَقَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَأَبُو جَعْفَرٍ وَحُورٌ عِينٌ بِالْكَسْرِ فِيهِمَا عَلَى أَنَّ حُورٌ عطف على بِأَكْوابٍ عُطِفَ مَعْنَى مِنْ بَابِ قَوْلِهِ:

وَزَجَّجْنَ الْحَوَاجِبَ وَالْعُيُونَا بِتَقْدِيرِ: وَكَحَّلْنَ الْعُيُونَ، أَوْ يُعْطَفُ عَلَى جَنَّاتِ، أَيْ وَفِي حُورٍ عِينٍ، أَيْ هُمْ فِي حُورٍ عِينٍ أَوْ مُحَاطُونَ بِهِنَّ وَمُحَدِّقُونَ بِهِنَّ.

وَالْمُرَادُ: أَزْوَاجُ السَّابِقَيْنِ فِي الْجَنَّةِ وَهُنَّ الْمَقْصُورَاتُ فِي الْخِيَامِ.

وَالْأَمْثَالُ: الْأَشْبَاهُ. وَدُخُولُ كَافِ التَّشْبِيهِ عَلَى (أَمْثَالِ) لِلتَّأْكِيدِ مِثْلُ قَوْلِهِ تَعَالَى:

لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ [الشورى: 11] . وَالْمَعْنَى: هُنَّ أَمْثَالُ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ.

واللُّؤْلُؤِ: الدُّرُّ، وَتَقَدَّمَ تَبْيِينُهُ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً فِي سُورَةِ الْحَجِّ [23] .

والْمَكْنُونِ: الْمَخْزُونُ الْمُخَبَّأُ لِنَفَاسَتِهِ، وَتَقَدَّمَ فِي سُورَةِ الصَّافَّاتِ.

وَانْتَصَبَ جَزاءً عَلَى الْمَفْعُولِ لِأَجْلِهِ لِفِعْلٍ مُقَدَّرٍ دَلَّ عَلَيْهِ قَوْله: الْمُقَرَّبُونَ

[الْوَاقِعَة: 11] ، أَيْ أَعْطَيْنَاهُمْ ذَلِكَ جَزَاءً، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ جَزاءً مَصْدَرًا جَاءَ بَدَلًا عَنْ فِعْلِهِ، وَالتَّقْدِيرُ: جَازَيْنَاهُمْ جَزَاءً.

وَالْجُمْلَةُ عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ اعْتِرَاضٌ تُفِيدُ إِظْهَارَ كَرَامَتِهِمْ بِحَيْثُ جَعَلَتْ أَصْنَاف النَّعيم الَّذين حَظُوا بِهِ جَزَاءً عَلَى عَمَلٍ قَدَّمُوهُ وَذَلِكَ إِتْمَامٌ لِكَوْنِهِمْ مُقَرَّبِينَ.

ثُمَّ أَكْمَلَ وَصْفَ النَّعِيمِ بِقَوْلِهِ: لَا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً وَلا تَأْثِيماً، وَهِيَ نِعْمَةٌ رُوحِيَّةٌ فَإِنَّ سَلَامَةَ النَّفْسِ مِنْ سَمَاعِ مَا لَا يُحِبُّ سَمَاعَهُ وَمِنْ سَمَاعِ مَا يَكْرَهُ سَمَاعَهُ مِنَ الْأَذَى نِعْمَةٌ بِرَاحَةِ الْبَالِ وَشُغْلِهِ بِسَمَاعِ الْمَحْبُوبِ.

وَاللَّغْوُ: الكَّلَامُ الَّذِي لَا يُعْتَدُّ بِهِ كَالْهَذَيَانِ، وَالكَّلَامُ الَّذِي لَا مُحَصِّلَ لَهُ.

وَالتَّأْثِيمُ: اللَّوْمُ وَالْإِنْكَارُ، وَهُوَ مَصْدَرُ أَثَّمَ، إِذَا نَسَبَ غَيْرَهُ إِلَى الْإِثْمِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015