يُسْلِمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدٍ) رَوَاهُ الثَّعْلَبِيُّ عَنْ قَوْمٍ. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَذَلِكَ بَاطِلٌ وَعُثْمَانُ مُنَزَّهٌ عَنْ مِثْلِهِ، أَيْ عَنْ أَنْ يُصْغِيَ إِلَى ابْنِ أَبِي سَرْحٍ فِيمَا صَدَّهُ.

فَأَشَارَ قَوْلُهُ تَعَالَى: الَّذِي تَوَلَّى إِلَى أَنَّهُ تَوَلَّى عَنِ النَّظَرِ فِي الْإِسْلَامِ بَعْدَ أَنَّ قَارَبَهُ.

وَأَشَارَ قَوْلُهُ: وَأَعْطى قَلِيلًا وَأَكْدى إِلَى مَا أَعْطَاهُ لِلَّذِي يَحْمِلُهُ عَنْهُ الْعَذَابَ.

وَلَيْسَ وَصْفُهُ بِ تَوَلَّى دَاخِلًا فِي التَّعْجِيبِ وَلَكِنَّهُ سِيقَ مَسَاقَ الذَّمِّ، وَوُصِفَ عَطَاؤُهُ بِأَنَّهُ قَلِيلٌ تَوْطِئَةٌ لِذَمِّهِ بِأَنَّهُ مَعَ قِلَّةِ مَا أَعْطَاهُ قَدْ شَحَّ بِهِ فَقَطَعَهُ. وَأَشَارَ قَوْلُهُ: وأَكْدى إِلَى بُخْلِهِ وَقَطْعِهِ الْعَطَاءَ يُقَالُ: أَكْدَى الَّذِي يَحْفُرُ، إِذَا اعْتَرَضَتْهُ كُدْيَةٌ أَيْ حَجَرٌ لَا يَسْتَطِيعُ إِزَالَتَهُ. وَهَذِهِ مَذَمَّةٌ ثَانِيَةٌ بِالْبُخْلِ زِيَادَةً عَلَى بُعْدِ الثَّبَاتِ عَلَى الْكُفْرِ فَحَصَلَ التَّعْجِيبُ مِنْ حَالِ الْوَلِيدِ كُلِّهِ تَحْقِيرًا لِعَقْلِهِ وَأَفَنِ رَأْيِهِ. وَقِيلَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: وَأَعْطى قَلِيلًا أَنَّهُ أعْطى من قبله وَمَيْلُهُ لِلْإِسْلَامِ قَلِيلًا وَأَكْدَى، أَيِ انْقَطَعَ بَعْدَ أَنِ اقْتَرَبَ كَمَا يُكْدِي حَافِرُ الْبِئْرِ إِذَا اعْتَرَضَتْهُ كُدْيَةٌ.

وَالِاسْتِفْهَامُ فِي أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ إِنْكَارِيٌّ عَلَى تَوَهُّمِهِ أَنَّ اسْتِئْجَارَ أَحَدٍ لِيَتَحَمَّلَ عَنْهُ عَذَابَ اللَّهِ يُنْجِيهِ مِنَ الْعَذَابِ، أَيْ مَا عِنْدَهُ عَلِمُ الْغَيْبِ. وَهَذَا الْخَبَرُ كِنَايَةٌ عَنْ خَطَئِهِ فِيمَا تَوَهَّمَهُ.

وَالْجُمْلَةُ اسْتِئْنَافٌ بَيَانِيٌّ لِلِاسْتِفْهَامِ التَّعْجِيبِيِّ مِنْ قَوْلِهِ: أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى إِلَخْ.

وَتَقْدِيمُ عِنْدَهُ وَهُوَ مُسْنَدٌ عَلَى عِلْمُ الْغَيْبِ وَهُوَ مُسْنَدٌ إِلَيْهِ لِلِاهْتِمَامِ بِهَذِهِ الْعِنْدِيَّةِ الْعَجِيبِ ادِّعَاؤُهَا، وَالْإِشَارَة إِلَى يعده عَنْ هَذِهِ الْمَنْزِلَةِ.

وَعِلْمُ الْغَيْبِ: مَعْرِفَةُ الْعَوَالِمِ الْمَغِيبَةِ، أَيِ الْعِلْمُ الْحَاصِلُ مِنْ أَدِلَّةٍ فَكَأَنَّهُ شَاهَدَ الْغَيْبَ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ: فَهُوَ يَرى.

وَفَرَّعَ عَلَى هَذَا التَّعْجِيبِ قَوْلَهُ: فَهُوَ يَرى أَيْ فَهُوَ يُشَاهِدُ أُمُورَ الْغَيْبِ، بِحَيْثُ عَاقِدٌ عَلَى التَّعَارُضِ فِي حُقُوقِهَا. وَالرُّؤْيَةُ فِي قَوْلِهِ: فَهُوَ يَرى بَصَرِيَّةٌ وَمَفْعُولُهَا مَحْذُوفٌ، وَالتَّقْدِيرُ: فَهُوَ يَرَى الْغَيْبَ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015