وَالْعِبْرَةُ بِضَلَالِهِمْ مَعَ مَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنَ الْقُوَّةِ، وَأَنَّ اللَّهَ أَخَذَهُمْ بِكُفْرِهِمْ وَأَهْلَكَ أُمَمًا أُخْرَى فَجَعَلَهُمْ عِظَةً لِلْمُكَذِّبِينَ وَأَنَّ جَمِيعَهُمْ لَمْ تُغْنِ عَنْهُمْ أَرْبَابُهُمُ الْمَكْذُوبَةُ.

وَقَدْ أَشْبَهَتْ كَثِيرًا مِنْ أَغْرَاضِ سُورَةِ الْجَاثِيَةِ مَعَ تفنّن.

[1]

[سُورَة الْأَحْقَاف (46) : آيَة 1]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

حم (1)

تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي نَظِيرِهِ فِي أَوَّلِ سُورَةِ غَافِرٍ. وَهَذِهِ جُمْلَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ مِثْلُ نَظَائِرِهَا مِنَ الْحُرُوفِ الْمُقَطَّعَةِ فِي أَوَائِلِ مِنْ سور الْقُرْآن.

[2]

[سُورَة الْأَحْقَاف (46) : آيَة 2]

تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (2)

تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي نَظِيرِهِ فِي أول الجاثية.

[3]

[سُورَة الْأَحْقَاف (46) : آيَة 3]

مَا خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما إِلاَّ بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ (3)

لَمَّا كَانَ مِنْ أَهَمِّ مَا جَاءَ بِهِ الْقُرْآنُ إِثْبَاتُ وَحْدَانِيَّةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِثْبَاتُ الْبَعْثِ وَالْجَزَاءِ، لِتَوَقُّفِ حُصُولِ فَائِدَةِ الْإِنْذَارِ عَلَى إِثْبَاتِهِمَا، جُعِلَ قَوْلُهُ: تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ

الْحَكِيمِ [الْأَحْقَاف: 2] تَمْهِيدًا لِلِاسْتِدْلَالِ عَلَى إِثْبَاتِ الْوَحْدَانِيَّةِ وَالْبَعْثِ وَالْجَزَاءِ، فَجُعِلَ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَحَلَّ اتِّفَاقٍ، وَرُتِّبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَا كَانَ ذَلِكَ الْخَلْقُ إِلَّا مُلَابِسًا لِلْحَقِّ، وَتَقْتَضِي مُلَابَسَتُهُ لِلْحَقِّ أَنَّهُ لَا يَكُونُ خَلْقًا عَبَثًا بَلْ هُوَ دَالٌّ عَلَى أَنَّهُ يَعْقُبُهُ جَزَاءٌ عَلَى مَا يَفْعَلُهُ الْمَخْلُوقُونَ. وَاسْتِثْنَاءُ بِالْحَقِّ مِنْ أَحْوَالٍ عَامَّةٍ، أَي مَا خلقنَا هما إِلَّا فِي حَالَةِ الْمُصَاحَبَةِ لِلْحَقِّ.

وَقَوْلُهُ: وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنَ الضَّمِيرِ الْمُقَدَّرِ فِي مُتَعَلِّقِ الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ مِنْ قَوْلِهِ: بِالْحَقِّ، فَيَكُونُ الْمَقْصُودُ مِنَ الْحَالِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015