وَاتِّبَاعُ سَبِيلِ اللَّهِ هُوَ الْعَمَلُ بِمَا أَمَرَهُمْ وَاجْتِنَابُ مَا نَهَاهُمْ عَنْهُ، فَالْإِرْشَادُ يُشْبِهُ الطَّرِيقَ الَّذِي رَسَمَهُ اللَّهُ لَهُمْ وَدَلَّهُمْ عَلَيْهِ فَإِذَا عَمِلُوا بِهِ فَكَأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا السَّبِيلَ فَمَشَوْا فِيهِ فَوَصَلُوا إِلَى الْمَقْصُودِ.

وَقِهِمْ عَذابَ الْجَحِيمِ عَطْفٌ عَلَى فَاغْفِرْ فَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ التَّفْرِيعِ فَإِنَّ الْغُفْرَانَ يَقْتَضِي هَذِهِ الْوِقَايَةَ لِأَنَّ غُفْرَانَ الذَّنْبِ هُوَ عَدَمُ الْمُؤَاخَذَةِ بِهِ. وَعَذَابُ الْجَحِيمِ جَعَلَهُ اللَّهُ لِجَزَاءِ الْمُذْنِبِينَ، إِلَّا أَنَّهُمْ عَضَّدُوا دَلَالَةَ الِالْتِزَامِ بِدَلَالَةِ الْمُطَابَقَةِ إِظْهَارًا لِلْحِرْصِ عَلَى الْمَطْلُوبِ. وَالْجَحِيمُ: شِدَّةُ الالتهاب، وَسميت بِهِ جَهَنَّمُ دَارَ الْجَزَاءِ على الذُّنُوب.

[8- 9]

[سُورَة غَافِر (40) : الْآيَات 8 إِلَى 9]

رَبَّنا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَأَزْواجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (8) وَقِهِمُ السَّيِّئاتِ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (9)

إِعَادَةُ النِّدَاءِ فِي خِلَالِ جُمَلِ الدُّعَاءِ اعْتِرَاضٌ لِلتَّأْكِيدِ بِزِيَادَةِ التَّضَرُّعِ، وَهَذَا ارْتِقَاءٌ مِنْ طَلَبِ وِقَايَتِهِمُ الْعَذَابَ إِلَى طَلَبِ إِدْخَالِهِمْ مَكَانَ النَّعِيمِ.

وَالْعَدْنُ: الْإِقَامَةُ، أَيِ الْخُلُودُ. وَالدُّعَاءُ لَهُمْ بِذَلِكَ مَعَ تَحَقُّقِهِمْ أَنَّهُمْ مَوْعُودُونَ بِهِ تَأَدُّبٌ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى لِأَنَّهُ لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ [194] قَوْلُهُ:

رَبَّنا وَآتِنا مَا وَعَدْتَنا عَلى رُسُلِكَ.

وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِمْ: وَأَدْخِلْهُمْ عَجِّلْ لَهُمْ بِالدُّخُولِ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ تَمْهِيدًا لِقَوْلِهِمْ: وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَأَزْواجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ فَإِنَّ أُولَئِكَ لَمْ يَكُونُوا مَوْعُودِينَ بِهِ صَرِيحًا. ومَنْ صَلَحَ عَطْفٌ عَلَى الضَّمِيرِ الْمَنْصُوبِ فِي أَدْخِلْهُمْ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015