الْإِنْسَانِيَّةِ مِنَ التَّقَلُّبِ وَالِاضْطِرَابِ إِلَّا مَنْ عَصَمَهُ اللَّهُ بِالتَّوْفِيقِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَيَقُولُ الْإِنْسانُ أَإِذا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا [مَرْيَم: 66] ، وَقَوْلِهِ: أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ [الْقِيَامَة: 3] وَغَيْرِ ذَلِكَ وَلِأَنَّ فِي اسْمِ الْإِنْسَانِ مُنَاسِبَةً مَعَ النِّسْيَانِ الْآتِي فِي قَوْلِهِ: نَسِيَ مَا كانَ يَدْعُوا إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ. وَتَقَدَّمَ نَظِيرٌ لِهَذِهِ الْآيَةِ فِي قَوْلِهِ: وَإِذا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ فِي سُورَةِ الرُّومِ [33] .

وَالتَّخْوِيلُ: الْإِعْطَاءُ وَالتَّمْلِيكُ دُونَ قَصْدِ عِوَضٍ. وَعَيْنُهُ وَاوٌ لَا مَحَالَةَ. وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنَ الْخَوَلِ بِفَتْحَتَيْنِ وَهُوَ اسْمٌ لِلْعَبِيدِ وَالْخَدَمِ، وَلَا الْتِفَاتَ إِلَى فِعْلِ خَالَ بِمَعْنَى: افْتَخَرَ، فَتِلْكَ مَادَّةٌ أُخْرَى غَيْرُ مَا اشْتُقَّ مِنْهُ فِعْلُ خَوَّلَ.

وَالنِّسْيَانُ: ذُهُولُ الْحَافِظَةِ عَنِ الْأَمْرِ الْمَعْلُومِ سَابِقًا.

وَمَا صدق مَا فِي قَوْلِهِ: مَا كانَ يَدْعُوا إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ هُوَ الضُّرُّ، أَيْ نَسِيَ الضُّرَّ الَّذِي كَانَ يَدْعُو اللَّهَ إِلَيْهِ، أَيْ إِلَى كَشْفِهِ عَنهُ، ومفعول يَدْعُوا مَحْذُوفٌ دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ:

دَعا رَبَّهُ، وَضَمِيرُ إِلَيْهِ عَائِدٌ إِلَى مَا، أَيْ نَسِيَ الضُّرَّ الَّذِي كَانَ يَدْعُو اللَّهَ إِلَيْهِ، أَيْ إِلَى كَشْفِهِ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَا صَادِقًا عَلَى الدُّعَاءِ كَمَا تَدُلُّ عَلَيْهِ الصِّلَةُ وَيَكُونَ الضَّمِيرُ الْمَجْرُورُ بِ (إِلَى) عَائِدًا إِلَى رَبَّهُ، أَيْ نَسِيَ الدُّعَاءَ، وَضُمِّنَ الدُّعَاءُ مَعْنَى الِابْتِهَالِ

وَالتَّضَرُّعِ فَعُدِّيَ بِحَرْفِ (إِلَى) . وَعَائِدُ الصِّلَةِ مَحْذُوفٌ دَلَّ عَلَيْهِ فِعْلُ الصِّلَةِ تَفَادِيًا مَنْ تَكَرُّرِ الضَّمَائِرِ. وَالْمَعْنَى: نَسِيَ عِبَادَةَ اللَّهِ وَالِابْتِهَالَ إِلَيْهِ.

وَالْأَنْدَادُ: جَمْعُ نِدٍّ بِكَسْرِ النُّونِ، وَهُوَ الْكُفْءُ، أَيْ وَزَادَ عَلَى نِسْيَانِ رَبِّهِ فَجَعَلَ لَهُ شُرَكَاءَ.

وَاللَّامُ فِي قَوْلِهِ: لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ لَامُ الْعَاقِبَةِ، أَيْ لَامُ التَّعْلِيلِ الْمَجَازِيِّ لِأَنَّ الْإِضْلَالَ لَمَّا كَانَ نَتِيجَةُ الْجَعْلِ جَازَ تَعْلِيلُ الْجَعْلَ بِهِ كَأَنَّهُ هُوَ الْعِلَّةُ لِلْجَاعِلِ. وَالْمَعْنَى:

وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْدَادًا فَضَّلَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015