الْحَدِيدِ، وَفَضْلُ إِيتَائِهِ الزَّبُورَ، وَإِيتَائِهِ حُسْنَ الصَّوْتِ، وَطُولَ الْعُمْرِ فِي الصَّلَاحِ وَغَيْرُ ذَلِكَ.

وَجُمْلَةُ يَا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ مَقُولُ قَوْلٍ مَحْذُوفٌ، وَحَذْفُ الْقَوْلِ اسْتِعْمَالٌ شَائِعٌ، وَفِعْلُ الْقَوْلِ الْمَحْذُوفِ جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ اسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا لِجُمْلَةِ آتَيْنا داوُدَ مِنَّا فَضْلًا.

وَفِي هَذَا الْأُسْلُوبِ الَّذِي نُظِمَتْ عَلَيْهِ الْآيَةُ مِنَ الْفَخَامَةِ وَجَلَالَةِ الْخَالِقِ وَعِظَمِ شَأْنِ دَاوُدَ مَعَ وَفْرَةِ الْمَعَانِي وَإِيجَازِ الْأَلْفَاظِ وَإِفَادَةِ مَعْنَى الْمَعِيَّةِ بِالْوَاوِ دُونَ مَا لَوْ كَانَتْ حَرْفَ عَطْفٍ.

وَالْأَمْرُ فِي أَوِّبِي مَعَهُ أَمْرُ تَكْوِينٍ وَتَسْخِيرٍ.

وَالتَّأْوِيبُ: التَّرْجِيعُ، أَيْ تَرْجِيعُ الصَّوْتِ، وَقِيلَ: التَّأْوِيبُ بِمَعْنَى التَّسْبِيحِ لُغَةٌ حَبَشِيَّةٌ فَهُوَ مِنَ المعرب فِي اللُّغَة الْعَرَبِيَّةِ، وَتَقَدَّمَ ذِكْرُ تَسْبِيحِ الْجِبَالِ مَعَ دَاوُدَ فِي سُورَةِ الْأَنْبِيَاءِ.

والطَّيْرَ مَنْصُوبٌ بِالْعَطْفِ عَلَى الْمُنَادَى لِأَنَّ الْمَعْطُوفَ الْمُعَرَّفَ عَلَى الْمُنَادَى يَجُوزُ نَصْبُهُ وَرَفْعُهُ، وَالنَّصْبُ أَرْجَحُ عِنْدَ يُونُسَ وَأَبِي عَمْرٍو وَعِيسَى بْنِ عُمَرَ وَالْجَرْمِيِّ وَهُوَ أوجه، وَيجوز أَنْ يَكُونَ وَالطَّيْرَ مَفْعُولًا مَعَهُ لِ أَوِّبِي. وَالتَّقْدِيرُ: أَوِّبِي مَعَهُ وَمَعَ الطَّيْرِ، فَيُفِيدُ أَنَّ الطَّيْرَ تَأَوَّبَ مَعَهُ أَيْضًا.

وَإِلَانَةُ الْحَدِيدِ: تَسْخِيرُهُ لِأَصَابِعِهِ حِينَمَا يَلْوِي حَلَقِ الدُّرُوعِ وَيَغْمِزُ الْمَسَامِيرَ.

وأَنِ تَفْسِيرِيَّةٌ لِمَا فِي أَلَنَّا لَهُ مِنْ مَعْنَى: أَشْعَرْنَاهُ بِتَسْخِيرِ الْحَدِيدِ لِيُقْدِمَ عَلَى صُنْعِهِ فَكَانَ فِي أَلَنَّا مَعْنَى: وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ: أَنِ اعْمَلْ سابِغاتٍ.

والْحَدِيدَ تُرَابٌ مَعْدِنِيٌّ إِذَا صُهِرَ بِالنَّارِ امْتَزَجَ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ وَلَانَ وَأُمْكِنَ تَطْرِيقُهُ وَتَشْكِيلُهُ فَإِذَا برد تصلب. وَقد تقدم عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: قُلْ كُونُوا حِجارَةً أَوْ حَدِيداً فِي سُورَةِ الْإِسْرَاءِ [50] .

وسابِغاتٍ صِفَةٌ لِمَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ لِظُهُورِهِ مِنَ الْمَقَامِ إِذْ شَاعَ وَصْفُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015