فَيَكُونُ مَعْنَى مَفْعُولًا وَاقِعًا، وَالْأَمْرُ مِنْ إِطْلَاقِ السَّبَبِ عَلَى الْمُسَبَّبِ، وَالْمَفْعُولُ هُوَ الْمُسَبَّبُ.

وَتَزَوُّجُ النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَيْنَبَ مِنْ أَمْرِ الله بالمعنيين.

[38، 39]

[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : الْآيَات 38 إِلَى 39]

مَا كانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيما فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَقْدُوراً (38) الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسالاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلاَّ اللَّهَ وَكَفى بِاللَّهِ حَسِيباً (39)

اسْتِئْنَافٌ لِزِيَادَةِ بَيَان مُسَاوَاة النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْأُمَّةِ فِي إِبَاحَةِ تَزَوُّجِ مُطَلَّقَةِ دَعِيِّهِ وَبَيَانِ أَنَّ ذَلِكَ لَا يخل بِصفة النبوءة لِأَنَّ تَنَاوُلَ الْمُبَاحَاتِ مِنْ سُنَّةِ الْأَنْبِيَاءِ، قَالَ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ وَاعْمَلُوا صالِحاً [الْمُؤْمِنُونَ: 51] ، وَأَن النبيء إِذَا رَامَ الِانْتِفَاعَ بِمُبَاحٍ لِمَيْلِ نَفْسِهِ إِلَيْهِ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَنَاوَلَهُ لِئَلَّا يُجَاهِدَ نَفْسَهُ فِيمَا لَمْ يُؤْمَرْ بِمُجَاهِدَةِ النَّفْسِ فِيهِ، لِأَنَّ

الْأَلْيَقَ بِهِ أَنْ يَسْتَبْقِيَ عَزِيمَتَهُ وَمُجَاهَدَتَهُ لِدَفْعِ مَا أُمِرَ بِتَجَنُّبِهِ.

وَفِي هَذَا الِاسْتِئْنَافِ ابْتِدَاءٌ لِنَقْضِ أَقْوَالِ الْمُنَافِقين أَن النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزَوَّجَ امْرَأَةَ ابْنِهِ.

وَمَعْنَى: فَرَضَ اللَّهُ لَهُ قَدَّرَهُ، إِذْ أَذِنَهُ بِفِعْلِهِ. وَتَعْدِيَةُ فِعْلِ فَرَضَ بِاللَّامِ تَدُلُّ عَلَى هَذَا الْمَعْنى بِخِلَاف تعديته بِحَرْفِ (عَلَى) كَقَوْلِهِ: قَدْ عَلِمْنا مَا فَرَضْنا عَلَيْهِمْ فِي أَزْواجِهِمْ [الْأَحْزَاب: 50] .

وَالسُّنَّةُ: السِّيرَةُ مِنْ عَمَلٍ أَوْ خُلُقٍ يُلَازِمُهُ صَاحِبُهُ. وَمَضَى الْقَوْلُ فِي هَلِ السُّنَّةُ اسْمٌ جامد أَو اسْم مَصْدَرٌ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ [137] ، وَعَلَى الْأَوَّلِ فَانْتِصَابُ سُنَّةَ اللَّهِ هُنَا عَلَى أَنَّهُ اسْمٌ وُضِعَ فِي مَوْضِعِ الْمَصْدَرِ لِدَلَالَتِهِ عَلَى مَعْنَى فِعْلٍ وَمَصْدَرٍ. قَالَ فِي «الْكَشَّافِ» كَقَوْلِهِمْ: تُرْبًا وَجَنْدَلًا، أَيْ فِي الدُّعَاءِ، أَيْ تَرِبَ تُرْبًا. وَأَصْلُهُ: تُرْبٌ لَهُ وَجَنْدَلٌ لَهُ. وَجَاءَ عَلَى مُرَاعَاةِ الْأَصْلِ قَوْلُ الْمَعَرِّي:

تَمَنَّتْ قُوَيْقًا وَالسَّرَاةُ حِيَالَهَا ... تُرَابٌ لَهَا مِنْ أَيَنُقٍ وَجِمَالٍ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015