الِاخْتِلَافُ بَيْنَ فَساءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ وَبَيْنَ فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ [الْأَعْرَاف:

84] فَهُمَا عِبْرَتَانِ بِحَالِهِمْ تَفَرَّعَتَا عَلَى وَصْفِ مَا حَلَّ بِهِمْ فَوُزِّعَتِ الْعِبْرَتَانِ عَلَى الْآيَتَيْنِ لِئَلَّا يَخْلُوَ تَكْرِيرُ الْقِصَّةِ مِنْ فَائِدَةٍ.

وَالْمُرَادُ بِآلِ لُوطٍ لُوطٌ وَأَهْلُ بَيْتِهِ لِأَنَّ رَبَّ الْبَيْتِ مُلَاحَظٌ فِي هَذَا الِاسْتِدْلَالِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ [غَافِر: 46] ، أَرَادَ فِرْعَوْن وَآله.

[59]

[سُورَة النَّمْل (27) : آيَة 59]

قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ (59)

قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى لَمَّا اسْتَوْفَى غَرَضُ الِاعْتِبَارِ وَالْإِنْذَارِ حَقَّهُ بِذِكْرِ عَوَاقِبِ بَعْضِ الْأُمَمِ الَّتِي كَذَّبَتِ الرُّسُلَ وَهِيَ أَشْبَهُ أَحْوَالًا بِأَحْوَالِ الْمُكَذِّبِينَ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِالْكِتَابِ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَيْهِ، وَفِي خِلَالِ ذَلِكَ وَحَفَافَيْهِ تَسْلِيَةُ النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَا يَلْقَاهُ مِنْ قَوْمِهِ أَقْبَلَ اللَّهُ بِالْخِطَابِ إِلَى الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُلَقِّنُهُ مَاذَا يَقُولُهُ عَقِبَ الْقِصَصِ وَالْمَوَاعِظِ السَّالِفَةِ اسْتِخْلَاصًا وَاسْتِنْتَاجًا مِنْهَا، وَشُكْرُ اللَّهِ عَلَى الْمَقْصُودِ مِنْهَا.

فَالْكَلَامُ اسْتِئْنَافٌ وَالْمُنَاسَبَةُ مَا عَلِمْتَ. أُمِرَ الرَّسُولُ بِالْحَمْدِ عَلَى مَا احْتَوَتْ عَلَيْهِ الْقَصَصُ السَّابِقَةُ مِنْ نَجَاةِ الرُّسُلِ مِنَ الْعَذَابِ الْحَالِّ بِقَوْمِهِمْ وَعَلَى مَا أَعْقَبَهُمُ اللَّهُ عَلَى صَبْرِهِمْ مِنَ النَّصْرِ وَرِفْعَةِ الدَّرَجَاتِ. وَعَلَى أَنْ أَهْلَكَ الْأَعْدَاءَ الظَّالِمِينَ كَقَوْلِهِ فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ [الْأَنْعَام: 45] وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ فِي سُورَةِ الْعَنْكَبُوتِ [63] قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ وَقَوْلُهُ فِي آخِرِ هَذِهِ السُّورَةِ [93] وَقُلِ الْحَمْدُ

لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ

الْآيَةَ. فَأُمِرَ الرَّسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحَمْدِ اللَّهِ عَلَى ذَلِكَ بِاعْتِبَارِ مَا أَفَادَهُ سَوْقُ تِلْكَ الْقِصَصِ مِنَ الْإِيمَاءِ إِلَى وَعْدِ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنَّصْرِ عَلَى أَعْدَائِهِ. فَقَوْلُهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ أَمْرٌ لِلرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِنْشَاءِ حَمْدِ اللَّهِ. وَقَدْ تَقَدَّمَتْ صِيغَةُ الْحَمْدِ فِي أَوَّلِ الْفَاتِحَةِ.

وَعُطِفَ عَلَى الْمَأْمُورِ بِأَنْ يَقُولَهُ مِنَ الْحَمْدِ أَمْرٌ بِأَنْ يُتْبِعَهُ بِالسَّلَامِ عَلَى الرُّسُلِ الَّذِينَ سَبَقُوهُ قَدْرًا لِقَدْرِ مَا تَجَشَّمُوهُ فِي نَشْرِ الدِّينِ الْحَقِّ.

وَأَصْلُ سَلامٌ سَلَّمْتُ سَلَامًا، مَقْصُودٌ مِنْهُ الْإِنْشَاءُ فَحُذِفَ الْفِعْلُ وَأُقِيمَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015