لَحَبُّ الْمُؤْقِدَانِ إِلَيَّ مُؤْسَى ... وَجَعْدَةُ إِذْ أَضَاءَهُمَا الْوَقُودُ

فَهَمَزَ الْمُؤْقِدَانِ وَمُؤْسَى.

وَكَشْفُ سَاقَيْهَا كَانَ مِنْ أَجْلِ أَنَّهَا شَمَّرَتْ ثِيَابَهَا كَرَاهِيَةَ ابْتِلَالِهَا بِمَا حَسِبَتْهُ مَاءً.

فَالْكَشْفُ عَنْ سَاقَيْهَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بِخَلْعِ خُفَّيْهَا أَوْ نَعْلَيْهَا، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بِتَشْمِيرِ ثَوْبِهَا.

وَقَدْ قِيلَ: إِنَّهَا كَانَتْ لَا تَلْبَسُ الْخُفَّيْنِ. وَالْمُمَرَّدُ: الْمُمَلَّسُ.

وَالْقَوَارِيرُ: جَمْعُ قَارُورَةٍ وَهِيَ اسْمٌ لِإِنَاءٍ مِنَ الزُّجَاجِ كَانُوا يَجْعَلُونَهُ لِلْخَمْرِ لِيَظْهَرَ لِلرَّائِي مَا قَرَّ فِي قَعْرِ الْإِنَاءِ مَنْ تَفَثِ الْخَمْرِ فَيَظْهَرُ الْمِقْدَارُ الصَّافِي مِنْهَا. فَسَمَّى ذَلِكَ الْإِنَاءَ قَارُورَةً لِأَنَّهُ يَظْهَرُ مِنْهُ مَا يَقَرُّ فِي قَعْرِهِ، وَجُمِعَتْ عَلَى قَوَارِيرَ، ثُمَّ أُطْلِقَ هَذَا الْجَمْعُ عَلَى الطِّينِ الَّذِي تُتَّخَذُ مِنْهُ الْقَارُورَةُ وَهُوَ الزُّجَاجُ، فَالْقَوَارِيرُ مِنْ أَسْمَاءِ الزُّجَاجِ، قَالَ بَشَّارٌ:

ارْفُقْ بِعَمْرٍو إِذَا حَرَّكْتَ نِسْبَتَهُ ... فَإِنَّهُ عَرَبِيٌّ مِنْ قَوَارِيرَ

يُرِيدُ أَنَّ نِسْبَتَهُ فِي الْعَرَبِ ضَعِيفَةٌ إِذَا حُرِّكَتْ تَكَسَّرَتْ. وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ الزُّجَاجِ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ فِي سُورَة النُّور [35] .

لَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ.

بَهَرَهَا مَا رَأَتْ مِنْ آيَاتٍ عَلِمَتْ مِنْهَا أَنَّ سُلَيْمَانَ صَادِقٌ فِيمَا دَعَاهَا إِلَيْهِ وَأَنَّهُ مُؤَيَّدٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَعَلِمَتْ أَنَّ دِينَهَا وَدِينَ قَوْمِهَا بَاطِلٌ فَاعْتَرَفَتْ بِأَنَّهَا ظَلَمَتْ نَفْسَهَا فِي اتِّبَاعِ الضَّلَالِ بِعِبَادَةِ الشَّمْسِ. وَهَذَا دَرَجَةٌ أُولَى فِي الِاعْتِقَادِ وَهُوَ دَرَجَةُ التَّخْلِيَةِ، ثُمَّ صَعَدَتْ إِلَى الدَّرَجَةِ الَّتِي فَوْقَهَا وَهِيَ دَرَجَةُ التَّحَلِّي بِالْإِيمَانِ الْحَقِّ فَقَالَتْ: أَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ

فَاعْتَرَفَتْ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ رَبُّ جَمِيعِ الْمَوْجُودَاتِ، وَهَذَا مَقَامُ التَّوْحِيدِ.

وَفِي قَوْلهَا: عَ سُلَيْمانَ

إِيمَانٌ بِالدِّينِ الَّذِي تَقَلَّدَهُ سُلَيْمَانُ وَهُوَ دِينُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015