إِلَّا إِلَى مَفْعُولٍ وَاحِدٍ. وَهَذَا الْحَذْفُ شَائِعٌ فِي الْكَلَامِ وَمِنْهُ فِي مِثْلِ هَذَا مَا فِي الْمَثَلِ «صَدَقَنِي سِنَّ بَكْرِهِ» (?) .

وَالْإِتْيَانُ بِصِيغَةِ الْمُسْتَقْبَلِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى مَنْ نَشاءُ احْتِبَاكٌ، وَالتَّقْدِيرُ: فَأَنْجَيْنَاهُمْ وَمَنْ شِئْنَا وَنُنْجِي رَسُولَنَا وَمَنْ نَشَاءُ مِنْكُمْ، وَهُوَ تَأْمِيلٌ لَهُمْ أَنْ يُؤْمِنُوا لِأَنَّ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ يَوْمَ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ مَنْ آمَنُوا فِيمَا بَعْدُ إِلَى يَوْمِ فَتْحِ مَكَّةَ.

وَهَذَا مِنْ لُطْفِ اللَّهِ بِعِبَادِهِ فِي تَرْغِيبِهِمْ فِي الْإِيمَانِ، وَلِذَلِكَ لَمْ يَقُلْ: وَنُهْلِكُ الْمُسْرِفِينَ، بَلْ عَادَ إِلَى صِيغَةِ الْمُضِيِّ الَّذِي هُوَ حِكَايَةٌ لِمَا حَلَّ بِالْأُمَمِ السَّالِفَةِ وَبَقِيَ الْمَقْصُودُ مِنْ ذِكْرِ الَّذِينَ أُهْلِكُوا وَهُوَ التَّعْرِيضُ بِالتَّهْدِيدِ وَالتَّحْذِيرِ أَنْ يُصِيبَهُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ أُولَئِكَ مَعَ عَدَمِ التَّصْرِيحِ بِالْوَعِيدِ.

وَالْمُسْرِفُونَ: الْمُفْرِطُونَ فِي التَّكْذِيبِ بِالْإِصْرَارِ وَالِاسْتِمْرَارِ عَلَيْهِ حَتَّى حَلَّ بهم الْعَذَاب.

[10]

[سُورَة الْأَنْبِيَاء (21) : آيَة 10]

لَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ كِتاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلا تَعْقِلُونَ (10)

اسْتِئْنَافُ جَوَابٍ عَنْ قَوْلِهِمْ فَلْيَأْتِنا بِآيَةٍ كَما أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ [الْأَنْبِيَاء: 5] بِإِيقَاظِهِمْ إِلَى أَنَّ الْآيَةَ الَّتِي جَاءَتْهُمْ هِيَ أَعْظَمُ مِنَ الْآيَاتِ الَّتِي أُرْسِلَ بِهَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015