جَمَّةٌ تَحْتَاجُ إِلَى ثَبَاتِ الْعَزِيمَةِ، نُزِّلَ الْقَائِمُ بِالْعِبَادَةِ مَنْزِلَةَ الْمُغَالِبِ لِنَفْسِهِ، فَعُدِّيَ الْفِعْلُ بِاللَّامِ كَمَا يُقَالُ: اثْبُتْ لِعُدَاتِكَ.
وَجُمْلَةُ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا وَاقِعَةٌ مُوَقِعَ التَّعْلِيلِ لِلْأَمْرِ بِعِبَادَتِهِ وَالِاصْطِبَارِ عَلَيْهَا.
وَالسَّمِيُّ هُنَا الْأَحْسَنُ أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى المسامي، أَي الممائل فِي شؤونه كُلِّهَا. فَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ فَسَّرَهُ بِالنَّظِيرِ، مَأْخُوذًا مِنَ الْمُسَامَاةِ فَهُوَ فَعِيلٌ بِمَعْنَى فَاعِلٍ، لَكِنَّهُ أُخِذَ مِنَ الْمَزِيدِ كَقَوْلِ عَمْرو بن معد يكرب:
أَمِنْ رَيْحَانَةَ الدَّاعِي السَّمِيعُ أَيِ الْمُسْمِعُ. وَكَمَا سُمِّيَ تَعَالَى الْحَكِيمَ، أَيِ الْمُحْكِمُ لِلْأُمُورِ، فَالسَّمِيُّ هُنَا بِمَعْنَى الْمُمَاثِلِ فِي الصِّفَاتِ بِحَيْثُ تَكُونُ الْمُمَاثَلَةُ فِي الصِّفَاتِ كَالْمُسَامَاةِ.
وَالِاسْتِفْهَامُ إِنْكَارِيٌّ، أَيْ لَا مُسَامِيَ لِلَّهِ تَعَالَى، أَيْ لَيْسَ مَنْ يُسَامِيهِ، أَيْ يُضَاهِيهِ، مَوْجُودًا.
وَقِيلَ السَّمِيُّ: الْمُمَاثِلُ فِي الِاسْمِ. كَقَوْلِهِ فِي ذِكْرِ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا [مَرْيَم: 7] . وَالْمَعْنَى: لَا تَعْلَمُ لَهُ مُمَاثِلًا فِي اسْمِهِ اللَّهُ، فَإِنَّ الْمُشْرِكِينَ لَمْ يُسَمُّوا شَيْئًا مِنْ أَصْنَامِهِمُ اللَّهَ بِاللَّامِ وَإِنَّمَا يَقُولُونَ لِلْوَاحِدِ مِنْهَا إِلَهٌ، فَانْتِفَاءُ تَسْمِيَةِ غَيْرِهِ مِنَ الْمَوْجُودَاتِ الْمُعَظَّمَةِ بِاسْمِهِ كِنَايَةً عَنْ إعترافِ النَّاسِ بِأَنْ لَا مُمَاثِلَ لَهُ فِي صِفَةِ الْخَالِقَيَّةِ، لِأَنَّ الْمُشْرِكِينَ لَمْ يَجْتَرِئُوا على أَن يدعوا لِآلِهَتِهِمُ الْخَالِقِيَّةَ. قَالَ تَعَالَى: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ [لُقْمَان: 25] . وَبِذَلِكَ يَتِمُّ كَوْنُ الْجُمْلَةِ تَعْلِيلًا لِلْأَمْرِ بِإِفْرَادِهِ بِالْعِبَادَةِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَيْضًا.