طُولِ مُدَّةِ النِّسْيَانِ. وَفُسِّرَ بِمَعْنَى شَدِيدِ النِّسْيَانِ، فَيَتَعَيَّنُ صَرْفُ الْمُبَالَغَةِ إِلَى جَانِبِ نِسْبَةِ نفي النسْيَان عَن اللَّهِ، أَيْ تَحْقِيقُ نَفْيِ النِّسْيَانِ مِثْلَ الْمُبَالَغَةِ فِي قَوْلِهِ وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ [فصّلت: 46] فَهُوَ هُنَا كِنَايَةٌ عَنْ إِحَاطَةِ عِلْمِ اللَّهِ، أَيْ أَنَّ تَنَزُّلَنَا بِأَمْرِ اللَّهِ لِمَا هُوَ عَلَى وَفْقِ عِلْمِهِ وَحِكْمَتِهِ فِي ذَلِكَ، فَنَحْنُ لَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِهِ.

وَهُوَ لَا يَأْمُرُنَا بِالتَّنَزُّلِ إِلَّا عِنْدَ اقْتِضَاءِ عِلْمِهِ وَحِكْمَتِهِ أَنْ يَأْمُرَنَا بِهِ.

وَجَوَّزَ أَبُو مُسْلِمٍ وَصَاحِبُ «الْكَشَّافِ» : أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ مِنْ تَمَامِ حِكَايَةِ كَلَامِ أَهْلِ الْجَنَّةِ بِتَقْدِيرِ فِعْلِ يَقُولُونَ حَالًا مِنْ قَوْلِهِ مَنْ كانَ تَقِيًّا [مَرْيَم: 63] ، أَيْ وَمَا نَتَنَزَّلُ فِي هَذِهِ الْجَنَّةِ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ إِلَخْ، وَهُوَ تَأْوِيلٌ حَسَنٌ.

وَعَلَيْهِ فَكَافُ الْخِطَابِ فِي قَوْلِهِ بِأَمْرِ رَبِّكَ خِطَابُ كُلِّ قَائِلٍ لِمُخَاطِبِهِ، وَهَذَا التَّجْوِيزُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَأْيٌ لَهُ فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ لَا تَتَعَيَّنُ مُتَابَعَتُهُ.

وَعَلَيْهِ فَجُمْلَةُ وَما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا مِنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى لِرَسُولِهِ تَذْيِيلًا لِمَا قَبْلَهُ، أَوْ هِيَ مِنْ كَلَامِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، أَيْ وَمَا كَانَ رَبُّنَا غَافِلًا عَنْ إِعْطَاءِ مَا وعدنا بِهِ.

[65]

[سُورَة مَرْيَم (19) : آيَة 65]

رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا (65)

جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا يَقْتَضِيهِ قَوْلُهُ فَاعْبُدْهُ إِلَى آخِرِهِ ذُيِّلَ بِهِ الْكَلَامُ الَّذِي لُقِّنَهُ جِبْرِيلُ الْمُتَضَمِّنُ: أَنَّ الْمَلَائِكَةَ لَا يَتَصَرَّفُونَ إِلَّا عَنْ إِذْنِ رَبِّهمْ وَأَنَّ أَحْوَالَهُمْ كُلَّهَا فِي قَبْضَتِهِ بِمَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015