وَالنُّكْتَةُ فِي ذِكْرِ يَعْقُوبَ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ رَآهُ حَفِيدًا وَسُرَّ بِهِ، فَقَدْ وُلِدَ يَعْقُوبُ قَبْلَ مَوْتِ إِبْرَاهِيم بِخمْس عشرَة سَنَةً، وَأَنَّ مِنْ يَعْقُوبَ نَشَأَتْ أُمَّةٌ عَظِيمَةٌ.

وَحَرْفُ (لَمَّا) حَرْفُ وُجُودٍ لِوُجُودٍ، أَيْ يَقْتَضِي وُجُودَ جَوَابِهِ لأجل وجود شَرطه فتقتضي جملتين، وَالْأَكْثَر أَن يكون وجود جوابها عِنْد وُجُودِ شَرْطِهَا، وَقَدْ تَكُونُ بَيْنَهُمَا فَتْرَةٌ فَتَدُلُّ عَلَى مُجَرَّدِ الْجَزَائِيَّةِ، أَيِ التَّعْلِيلِ دُونَ تَوْقِيتٍ، وَذَلِكَ كَمَا هُنَا.

وَضَمِيرُ لَهُمْ عَائِدٌ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ.

وَ (مِنْ) فِي قَوْلِهِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِما مُحْسِنٌ [الصافات: 113] إِمَّا حَرْفُ تَبْعِيضٍ صِفَةٌ لِمَحْذُوفٍ دَلَّ عَلَيْهِ وَهَبْنا، أَيْ مَوْهُوبًا مِنْ رَحْمَتِنَا. وَإِمَّا اسْمٌ بِمَعْنَى بَعْضٍ بِتَأْوِيلٍ، كَمَا تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [8] .

وَإِنْ كَانَ النُّحَاةُ لَمْ يُثْبِتُوا لِكَلِمَةٍ (مِنِ) اسْتِعْمَالِهَا اسْمًا كَمَا أَثْبَتُوا ذَلِكَ لكلمات (الْكَاف) و (عَن) و (على) لَكِنَّ بَعْضَ مَوَارِدِ الِاسْتِعْمَالِ تَقْتَضِيه، كَمَا قَالَ التفتازانيّ فِي «حَاشِيَةِ الْكَشَّافِ» ، وَأَقَرَّهُ عَبْدُ الْحَكِيمِ. وَعَلَى هَذَا تَكُونُ (مِنْ) فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى الْمَفْعُولِ بِهِ لِفِعْلِ وَهَبْنا، أَيْ وَهَبْنَا لَهُمْ بَعْضَ رَحْمَتِنَا، وَهِيَ النُّبُوءَةُ، لِأَنَّهَا رَحْمَةٌ لَهُمْ وَلِمَنْ أُرْسِلُوا إِلَيْهِمْ.

وَاللِّسَانُ: مَجَازٌ فِي الذِّكْرِ وَالثَّنَاءِ.

وَوصف لِسَان بِصدق وَصْفًا بِالْمَصْدَرِ.

الصِّدْقُ: بُلُوغُ كَمَالِ نَوْعِهِ، كَمَا تَقَدَّمَ آنِفًا، فَلِسَانُ الصِّدْقِ ثَنَاءُ الْخَيْرِ وَالتَّبْجِيلُ، وَوُصِفَ بِالْعُلُوِّ مَجَازًا لِشَرَفِ ذَلِكَ الثَّنَاءِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015