[سُورَة الْكَهْف (18) : الْآيَات 32 إِلَى 36]

وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً رَجُلَيْنِ جَعَلْنا لِأَحَدِهِما جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنابٍ وَحَفَفْناهُما بِنَخْلٍ وَجَعَلْنا بَيْنَهُما زَرْعاً (32) كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَها وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئاً وَفَجَّرْنا خِلالَهُما نَهَراً (33) وَكانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقالَ لِصاحِبِهِ وَهُوَ يُحاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَراً (34) وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ قالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هذِهِ أَبَداً (35) وَما أَظُنُّ السَّاعَةَ قائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْراً مِنْها مُنْقَلَباً (36)

عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ الْآيَاتِ فَإِنَّهُ بَعْدَ أَنْ بَيَّنَ لَهُمْ مَا أَعَدَّ لِأَهْلِ الشِّرْكِ وَذَكَرَ مَا يُقَابِلُهُ مِمَّا أَعَدَّهُ لِلَّذِينَ آمَنُوا ضَرَبَ مَثَلًا لِحَالِ الْفَرِيقَيْنِ بِمِثْلِ قِصَّةٍ أَظْهَرَ اللَّهُ فِيهَا تَأْيِيدَهُ لِلْمُؤْمِنِ وَإِهَانَتَهُ لِلْكَافِرِ، فَكَانَ لِذَلِكَ الْمَثَلِ شَبَهٌ بِمَثَلِ قِصَّةِ أَصْحَابِ الْكَهْفِ مِنْ عَصْرٍ أَقْرَبَ لِعِلْمِ الْمُخَاطَبِينَ مِنْ عَصْرِ أَهْلِ الْكَهْفِ، فَضَرَبَ مَثَلًا لِلْفَرِيقَيْنِ لِلْمُشْرِكِينَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ بِمَثَلِ رَجُلَيْنِ كَانَ حَالُ أَحَدِهِمَا مُعْجَبًا مُؤْنِقًا وَحَالُ الْآخَرِ بِخِلَافِ ذَلِكَ فَكَانَتْ عَاقِبَةُ صَاحب الْحَال المونقة تَبَابًا وَخَسَارَةً، وَكَانَتْ عَاقِبَةُ الْآخَرِ نَجَاحًا، لِيُظْهِرَ لِلْفَرِيقَيْنِ مَا يَجُرُّهُ الْغُرُورُ وَالْإِعْجَابُ وَالْجَبَرُوتُ إِلَى صَاحِبِهِ مِنَ الْأَرْزَاءِ، وَمَا يَلْقَاهُ الْمُؤْمِنُ الْمُتَوَاضِعُ الْعَارِفُ بِسُنَنِ اللَّهِ فِي الْعَالَمِ مِنَ التَّذْكِيرِ وَالتَّدَبُّرِ فِي الْعَوَاقِبِ فَيَكُونُ مُعَرَّضًا لِلصَّلَاحِ وَالنَّجَاحِ.

وَاللَّامُ فِي قَوْلِهِ: لَهُمْ يَجُوزُ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِفِعْلِ وَاضْرِبْ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِنْ أَنْفُسِكُمْ [الرّوم: 28] . وَيَجُوزُ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِقَوْلِهِ: مَثَلًا تَعَلُّقَ الْحَالِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015