وَقَدِ اخْتِيرَ الْفِعْلُ الْمُضَارِعُ فِي نُخَوِّفُهُمْ ويَزِيدُهُمْ لِاقْتِضَائِهِ تَكَرُّرَ التَّخْوِيفِ

وَتَجَدُّدَهُ، وَأَنَّهُ كُلَّمَا تَجَدَّدَ التَّخْوِيفُ تَجَدَّدَ طُغْيَانُهُمْ وَعَظُمَ.

وَالْكَبِيرُ: مُسْتَعَارٌ لِمَعْنَى الشَّدِيدِ الْقَوِيِّ فِي نَوْعِ الطُّغْيَانِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى:

قُلْ قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ فِي سُورَة الْبَقَرَة [217] .

[61، 62]

[سُورَة الْإِسْرَاء (17) : الْآيَات 61 إِلَى 62]

وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ قالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً (61) قالَ أَرَأَيْتَكَ هذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلاَّ قَلِيلاً (62)

عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ وَإِذْ قُلْنا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحاطَ بِالنَّاسِ [الْإِسْرَاء: 60] أَيْ وَاذْكُرْ إِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ. وَالْمَقْصُودُ من هَذَا هُوَ تذكير النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا لَقِيَ الْأَنْبِيَاءُ قَبْلَهُ مِنْ مُعَانَدَةِ الْأَعْدَاءِ وَالْحَسَدَةِ مِنْ عَهْدِ آدَمَ حِينَ حَسَدَهُ إِبْلِيسُ عَلَى فَضْلِهِ. وَأَنَّهُمْ لَا يَعْدَمُونَ مَعَ ذَلِكَ مُعْتَرِفِينَ بِفَضْلِهِمْ وَهُمْ خِيرَةُ زَمَانِهِمْ كَمَا كَانَتِ الْمَلَائِكَةُ نَحْوَ آدَمَ- عَلَيْهِ السَّلَامُ-، وَأَنَّ كِلَا الْفَرِيقَيْنِ فِي كُلِّ عَصْرٍ يَمُتُّ إِلَى أَحَدِ الْفَرِيقَيْنِ الَّذِي فِي عَهْدِ آدَمَ، فَلِفَرِيقِ الْمَلَائِكَةِ الْمُؤْمِنُونَ وَلِفَرِيقِ الشَّيْطَانِ الْكَافِرُونَ، كَمَا أَوْمَأَ إِلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: قالَ اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ [الْإِسْرَاء: 63] الْآيَةَ، فَفِي ذَلِكَ تَسْلِيَة للنبيء- عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام-. فَأمر الله نبيئه بِأَنْ يَذْكُرَ ذَلِكَ يَتَضَمَّنُ تَذْكِيرَهُ إِيَّاهُ بِهِ، وَذَكَرَ النَّبِيءُ ذَلِكَ مَوْعِظَةً لِلنَّاسِ بِحَالِ الْفَرِيقَيْنِ لِيَنْظُرَ الْعَاقِلُ أَيْنَ يَضَعُ نَفْسَهُ.

وَتَفْسِيرُ قِصَّةِ آدَمَ وَبَيَانُ كَلِمَاتِهَا مَضَى فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ وَمَا بَعْدَهَا.

وَالِاسْتِفْهَامُ فِي أَأَسْجُدُ إِنْكَارٌ، أَيْ لَا يَكُونُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015