النَّسَبِ بَيْنَ النَّاسِ. وَعَنْ عَلِيٍّ زَيْنِ الْعَابِدِينَ أَنَّهَا تَشْمَلُ قرَابَة النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَالتَّعْرِيفُ فِي الْقُرْبى تَعْرِيفُ الْجِنْسِ، أَيِ الْقُرْبَى مِنْكَ، وَهُوَ الَّذِي يُعَبَّرُ عَنْهُ بِأَنَّ (أَلْ) عِوَضٌ عَنِ الْمُضَافِ إِلَيْهِ. وَبِمُنَاسَبَةِ ذِكْرِ إِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى عُطِفَ عَلَيْهِ مَنْ يُمَاثِلُهُ فِي اسْتِحْقَاقِ الْمُوَاسَاةِ.
وَحَقُّ الْمِسْكِينِ هُوَ الصَّدَقَةُ. قَالَ تَعَالَى: وَلا تَحَاضُّونَ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ [الْفجْر: 18] وَقَوْلُهُ: أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيماً ذَا مَقْرَبَةٍ أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ [الْبَلَد: 14- 16] . وَقَدْ بَيَّنَتْ آيَاتٌ وَأَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ حُقُوقَ الْمَسَاكِينِ وَأَعْظَمُهَا آيَةُ الزَّكَاةِ وَمَرَاتِبَ الصَّدَقَاتِ الْوَاجِبَةِ وَغَيْرَهَا.
وَابْنَ السَّبِيلِ هُوَ الْمُسَافِرُ يَمُرُّ بِحَيٍّ مِنَ الْأَحْيَاءِ، فَلَهُ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي يَمُرُّ بِهِ حَقُّ ضِيَافَتِهِ.
وَحُقُوق الأضياف
جَاءَت فِي كَلَام النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَقَوْلِهِ: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَليُكرم ضَيفه جايزته يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ»
. وَكَانَتْ ضِيَافَةُ ابْنِ السَّبِيلِ مِنْ أُصُولِ الْحَنِيفِيَّةِ مِمَّا سَنَّهُ إِبْرَاهِيمُ- عَلَيْهِ السَّلَامُ- قَالَ الْحَرِيرِيُّ: «وَحُرْمَةُ الشَّيْخِ الَّذِي سَنَّ الْقِرَى» .
وَقَدْ جُعِلَ لِابْنِ السَّبِيلِ نَصِيبٌ مِنَ الزَّكَاةِ.
وَقَدْ جَمَعَتْ هَذِهِ الْآيَةُ ثَلَاث وَصَايَا مِمَّا أَوْصَى اللَّهُ بِهِ بِقَوْلِهِ: وَقَضى رَبُّكَ الْآيَات [الْإِسْرَاء: 23] .
فَأَمَّا إِيتَاءُ ذِي الْقُرْبَى فَالْمَقْصِدُ مِنْهُ مُقَارِبٌ لِلْمَقْصِدِ مِنَ الْإِحْسَانِ لِلْوَالِدَيْنِ رَعْيًا لِاتِّحَادِ الْمَنْبَتِ الْقَرِيبِ وَشَدًّا لِآصِرَةِ الْعَشِيرَةِ الَّتِي تَتَكَوَّنُ مِنْهَا الْقَبِيلَةُ. وَفِي ذَلِكَ صَلَاحٌ عَظِيمٌ لِنِظَامِ الْقَبِيلَةِ وَأَمْنِهَا وَذَبِّهَا عَنْ حَوْزَتِهَا.
وَأَمَّا إِيتَاءُ الْمِسْكِينِ فَلِمَقْصِدِ انْتِظَامِ الْمُجْتَمَعِ بِأَنْ لَا يَكُونَ مِنْ أَفْرَادِهِ مَنْ هُوَ فِي بُؤْسٍ وَشَقَاءٍ، عَلَى أَنَّ ذَلِكَ الْمِسْكِين لَا يعدو أَنْ يَكُونَ مِنَ الْقَبِيلَةِ فِي الْغَالِبِ أَقْعَدَهُ الْعَجْزُ عَنِ الْعَمَلِ وَالْفَقْرُ عَنِ الْكِفَايَةِ.