[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 89]

وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنا بِكَ شَهِيداً عَلى هؤُلاءِ وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ (89)

وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنا بِكَ شَهِيداً عَلى هؤُلاءِ.

تَكْرِيرٌ لِجُمْلَةِ وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً ثُمَّ لَا يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا [سُورَة النَّحْل: 84] لِيُبْنَى عَلَيْهِ عَطْفُ جُمْلَةِ وَجِئْنا بِكَ شَهِيداً عَلى هؤُلاءِ عَلَى جُمْلَةِ وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِمْ.

وَلَمَّا كَانَ تَكْرِيرًا أُعِيدَ نَظِيرُ الْجُمْلَةِ عَلَى صُورَةِ الْجُمْلَةِ الْمُؤَكَّدَةِ مُقْتَرِنَةً بِالْوَاوِ، وَلِأَنَّ فِي هَذِهِ الْجُمْلَةِ زِيَادَةَ وَصْفِ مِنْ أَنْفُسِهِمْ فَحَصَلَتْ مُغَايِرَةٌ مَعَ الْجُمْلَةِ السَّابِقَةِ وَالْمُغَايَرَةُ مُقْتَضِيَةٌ لِلْعَطْفِ أَيْضًا.

وَمِنْ دَوَاعِي تَكْرِيرِ مَضْمُونِ الْجُمْلَةِ السَّابِقَةِ أَنَّهُ لِبُعْدِ مَا بَيْنَ الْجُمْلَتَيْنِ بِمَا اعْتَرَضَ بَيْنَهُمَا مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: ثُمَّ لَا يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى قَوْلِهِ: بِما كانُوا يُفْسِدُونَ [سُورَة النَّحْل: 84- 88] ، فَهُوَ كَالْإِعَادَةِ فِي قَوْلِ لَبِيَدٍ:

فَتَنَازَعَا سَبْطًا يَطِيرُ ظِلَالُهُ ... كَدُخَانِ مُشْعَلَةٍ يُشَبُّ ضِرَامُهَا

مَشْمُولَةٍ غُلِثَتْ بِنَابِتِ عَرْفَجٍ ... كَدُخَانِ نَارٍ سَاطِعٍ أَسْنَامُهَا

مَعَ أَنَّ الْإِعَادَةَ هُنَا أَجْدَرُ لِأَنَّ الْفَصْلَ أَطْوَلُ.

وَقَدْ حَصَلَ مِنْ هَذِهِ الْإِعَادَةِ تَأْكِيدُ التَّهْدِيدِ وَالتَّسْجِيلِ.

وَعُدِّيَ فِعْلُ نَبْعَثُ هُنَا بِحَرْفِ فِي، وَعُدِّيَ نَظِيرُهُ فِي الْجُمْلَةِ السَّابِقَةِ بِحَرْفِ (مِنْ) لِيَحْصُلَ التَّفَنُّنُ بَيْنَ الْمُكَرَّرَيْنِ تَجْدِيدًا لِنَشَاطِ السَّامِعِينَ.

وَزِيدَ فِي هَذِهِ الْجُمْلَةِ أَنَّ الشَّهِيدَ يَكُونُ مِنْ أَنْفُسِهِمْ زِيَادَةً فِي التَّذْكِيرِ بِأَنَّ شَهَادَةَ الرُّسُلِ عَلَى الْأُمَمِ شَهَادَةٌ لَا مَطْعَنَ لَهُمْ فِيهَا لِأَنَّهَا شُهُودٌ مِنْ قَوْمِهِمْ لَا يَجِدُ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِمْ فِيهَا

مَسَاغًا لِلطَّعْنِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015