[سُورَة الْحجر (15) : الْآيَات 70 إِلَى 77]

قالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعالَمِينَ (70) قالَ هؤُلاءِ بَناتِي إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ (71) لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ (72) فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ (73) فَجَعَلْنا عالِيَها سافِلَها وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ (74)

إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ (75) وَإِنَّها لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ (76) إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ (77)

الْوَاوُ فِي أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَطْفٌ عَلَى كَلَامِ لُوطٍ- عَلَيْهِ السَّلَامُ- جَارٍ عَلَى طَرِيقَةِ الْعَطْفِ عَلَى كَلَامِ الْغَيْرِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي بَعْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [124] .

وَالِاسْتِفْهَامُ إِنْكَارِيٌّ، وَالْمَعْطُوفُ هُوَ الْإِنْكَارُ.

والْعالَمِينَ النَّاسُ. وَتَعْدِيَةُ النَّهْيِ إِلَى ذَاتِ الْعَالَمِينَ عَلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ دَلَّ عَلَيْهِ الْمَقَامُ، أَيْ أَلَمْ نَنْهَكَ عَنْ حِمَايَةِ النَّاسِ أَوْ عَنْ إِجَارَتِهِمْ، أَيْ أَنَّ عَلَيْكَ أَنْ تُخَلِّيَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ عَادَتِنَا حَتَّى لَا يَطْمَعَ الْمَارُّونَ فِي حِمَايَتِكَ، وَقَدْ كَانُوا يَقْطَعُونَ السَّبِيلَ يَتَعَرَّضُونَ لِلْمَارِّينَ عَلَى قُرَاهُمْ. والْعالَمِينَ تَقَدَّمَ فِي الْفَاتِحَةِ. وَأَرَادُوا بِهِ هُنَا أَصْنَافَ الْقَبَائِلِ لِقَصْدِ التَّعْمِيمِ.

وَعَرَضَ عَلَيْهِمْ بَنَاتَهُ ظَنًّا أَنَّ ذَلِك يردعهم ويطفىء شَبَقَهُمْ. وَلِذَلِكَ قَالَ: إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ.

وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي سُورَةِ هُودٍ مَعْنَى عَرْضِهِ بَنَاتِهِ، وَأَنَّ قَوْلَهُ: بَناتِي يَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِهِ بَنَاتُ صُلْبِهِ وَكُنَّ اثْنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِهِ بَنَاتُ الْقَوْمِ كُلِّهِمْ تَنْزِيلًا لَهُمْ مَنْزِلَةَ بَنَاتِهِ لِأَنَّ النَّبِيءَ كَأَبٍ لِأُمَّتِهِ.

وَجُمْلَةُ لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سكراتهم يَعْمَهُونَ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ أَجْزَاءِ الْقِصَّةِ لِلْعِبْرَةِ فِي عَدَمِ جَدْوَى الْمَوْعِظَةِ فِيمَنْ يَكُونُ فِي سَكْرَةِ هَوَاهُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015