وَمُتَعَلِّقُ الْقَضَاءِ مَحْذُوفٌ لِظُهُورِهِ، أَيْ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ كَمَا قَالَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ [السَّجْدَة: 25] .

وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ.

يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَطْفًا عَلَى جُمْلَةِ وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنْقُوصٍ [هود: 109] فَيَكُونُ ضَمِيرُ وَإِنَّهُمْ عَائِدًا إِلَى مَا عَادَ إِلَيْهِ ضَمِيرُ مَا يَعْبُدُونَ [هود: 109] الْآيَةَ، أَيْ إِنَّ الْمُشْرِكِينَ لَفِي شَكٍّ مِنْ تَوْفِيَةِ نَصِيبِهِمْ لِأَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْبَعْثِ. وَيَلْتَئِمُ مَعَ قَوْلِهِ: وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ عَلَى أَوَّلِ الْوَجْهَيْنِ وَأَوْلَاهُمَا، فَضَمِيرُ مِنْهُ عَائِدٌ إِلَى

يَوْمَ مِنْ قَوْله: يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ [هود: 105] إِلَخْ.

وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ عَطْفًا عَلَى جُمْلَةِ فَاخْتُلِفَ فِيهِ، أَيْ فَاخْتَلَفَ فِيهِ أَهْلُهُ، أَيْ أَهْلُ الْكِتَابِ فَضَمِيرُ وَإِنَّهُمْ عَائِدٌ إِلَى مَا عَادَ إِلَيْهِ ضَمِيرُ بَيْنَهُمْ عَلَى ثَانِي الْوَجْهَيْنِ، أَيِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْكِتَابِ فِي كِتَابِهِمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ.

أَمَّا ضَمِيرُ مِنْهُ فَيَجُوزُ أَنْ يَعُودَ إِلَى الْكِتَابِ، أَيْ أَقْدَمُوا عَلَى مَا أَقْدَمُوا عَلَيْهِ عَلَى شَكٍّ وَتَرَدُّدٍ فِي كِتَابِهِمْ، أَيْ دُونَ عِلْمٍ يُوجِبُ الْيَقِينَ مِثْلَ اسْتِقْرَاءِ عُلَمَائِنَا لِلْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ، أَوْ يُوجِبُ الظَّنَّ الْقَرِيبَ مِنَ الْيَقِينِ، كَظَنِّ الْمُجْتَهِدِ فِيمَا بَلَغَ إِلَيْهِ اجْتِهَادُهُ، لِأَنَّ الِاسْتِدْلَالَ الصَّحِيحَ الْمُسْتَنْبَطَ مِنَ الْكِتَابِ لَا يُعَدُّ اخْتِلَافًا فِي الْكِتَابِ إِذِ الْأَصْلُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. فَمَنَاطُ الذَّمِّ هُوَ الِاخْتِلَافُ فِي مَتْنِ الْكِتَابِ لَا فِي التَّفْرِيعِ مِنْ أَدِلَّتِهِ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ضَمِيرُ مِنْهُ عَائِدًا إِلَى الْقُرْآنِ الْمَفْهُومِ مِنَ الْمَقَامِ وَمِنْ قَوْلِهِ: ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْقُرى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ [هود:

100] .

وَالْمُرِيبُ: الْمُوقِعُ فِي الشَّكِّ، وَوَصْفُ الشَّكِّ بِذَلِكَ تَأْكِيدٌ كَقَوْلِهِمْ: لَيْلٌ أَلْيَلُ، وَشعر شَاعِر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015