وَمَوْقِعِ فَاءِ التَّفْرِيعِ.

وَقَدْ حَكَى ابْنُ عَطِيَّةَ وُجُوهًا كَثِيرَةً فِي تَفْسِيرِهِ بِمَا لَمْ يُلَخِّصْهُ أَحَدٌ مِثْلُهُ وَتَبِعَهُ الْقُرْطُبِيُّ فِي حِكَايَةِ بَعْضِهَا. وَالِاخْتِلَافُ فِي مَا صدق فَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ. وَفِي الْمُرَادِ مِنْ بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ، وَفِي الْمَعْنِيِّ بِ يَتْلُوهُ. وَفِي الْمُرَادِ مِنْ شاهِدٌ. وَفِي مَعَادِ الضَّمِيرِ الْمَنْصُوبِ فِي قَوْلِهِ: يَتْلُوهُ. وَفِي مَعْنَى (مِنْ) مِنْ قَوْلِهِ: مِنْهُ، وَفِي مَعَادِ الضَّمِير الْمَجْرُورِ بِ (مِنْ) . وَفِي مَوْقِعِ قَوْلِهِ: مِنْ قَبْلِهِ مِنْ قَوْلِهِ: كِتابُ مُوسى. وَفِي مَرْجِعِ اسْمِ الْإِشَارَةِ مِنْ قَوْلِهِ: أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ. وَفِي مَعَادِ الضَّمِيرِ الْمَجْرُورِ بِالْبَاءِ مِنْ قَوْلِهِ:

يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزابِ إلَخْ فَهَذِهِ مَفَاتِيحُ تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ.

وَالَّذِي تَخَلَّصَ لِي مِنْ ذَلِكَ وَمِمَّا فَتَحَ اللَّهُ بِهِ مِمَّا هُوَ أَوْضَحُ وَجْهًا وَأَقْرَبُ بِالْمَعْنَى الْمَقْصُودِ شَبَهًا: أَنَّ الْفَاءَ لِلتَّفْرِيعِ عَلَى جُمْلَةِ أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ إِلَى قَوْلِهِ: فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [هود: 13، 14] وَأَنَّ مَا بَيْنَهُمَا اعْتِرَاضٌ لِتَقْرِيرِ تَوَغُّلِهِمْ فِي الْمُكَابَرَةِ وَابْتِعَادِهِمْ عَنِ الْإِيمَانِ، وَهَذَا التَّفْرِيعُ تَفْرِيعُ الضِّدِ عَلَى ضِدِّهِ فِي إِثْبَاتِ ضِدِّ حُكْمِهِ لَهُ، أَيْ إِنْ كَانَ حَالُ أُولَئِكَ الْمُكَذِّبِينَ كَمَا وُصِفَ فَثَمَّ قَوْمٌ هُمْ بِعَكْسِ حَالِهِمْ قَدْ نَفَعَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَالشَّوَاهِدُ، فَهُمْ يُؤْمِنُونَ بِالْقُرْآنِ وَهُمُ الْمُسْلِمُونَ وَذَلِكَ مُقْتَضَى قَوْلِهِ: فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [هود: 14] ، أَيْ كَمَا أَسْلَمَ مَنْ كَانُوا عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِمْ مِنْكُمْ وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ.

وَالْهَمْزَةُ لِلِاسْتِفْهَامِ التَّقْرِيرِيِّ، أَيْ إِنْ كَفَرَ بِهِ هَؤُلَاءِ أَفَيُؤْمِنُ بِهِ مَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ، وَهَذَا عَلَى نَحْوِ نَظْمِ قَوْلِهِ تَعَالَى: أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذابِ أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ [الزمر: 19] أَيْ أَنْتَ تُنْقِذُ مِنَ النَّارِ الَّذِي حَقَّ عَلَيْهِ كلمة الْعَذَاب.

وفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ لَا يُرَادُ بِهَا شَخْصٌ مُعَيَّنٌ. فَكَلِمَةُ (مَنْ) هُنَا تَكُونُ كَالْمُعَرَّفِ

بِلَامِ الْعَهْدِ الذِّهْنِيِّ صَادِقَةً عَلَى مَنْ تَحَقَّقَتْ لَهُ الصِّلَةُ، أَعْنِي أَنَّهُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ. وَبِدُونِ ذَلِكَ لَا تَسْتَقِيمُ الْإِشَارَةُ. وَإِفْرَادُ ضَمَائِرِ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ مُرَاعَاةً لِلَّفْظِ (مَنِ) الْمَوْصُولَةِ وَذَلِكَ أَحَدُ اسْتِعْمَالَيْنِ. وَالْجَمْعُ فِي قَوْلِهِ: أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ مُرَاعَاةً لِمَعْنَى (مَنِ) الْمَوْصُولَةِ وَذَلِكَ اسْتِعْمَالٌ آخَرُ. وَالتَّقْدِيرُ:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015