أَيْ فَلَهُ عَشْرُ حَسَنَاتٍ أَمْثَالُهَا، فَرُوعِيَ فِي اسْمِ الْعَدَدِ مَعْنَى مُمَيِّزِهِ دُونَ لَفْظِهِ وَهُوَ أَمْثَالٌ. وَالْجَزَاءُ عَلَى الْحَسَنَةِ بِعَشْرَةِ أَضْعَافٍ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ، وَهُوَ جَزَاءُ غَالِبِ الْحَسَنَاتِ، وَقَدْ زَادَ اللَّهُ فِي بَعْضِ الْحَسَنَاتِ أَنْ ضَاعَفَهَا سَبْعَمِائَةِ ضِعْفٍ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ

كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ

[الْبَقَرَة: 261] فَذَلِكَ خَاصٌّ بِالْإِنْفَاقِ فِي الْجِهَادِ.

وَفِي الْحَدِيثِ: «مَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللَّهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً وَإِنْ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللَّهُ عِنْدَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ إِلَى أَضْعَافٍ كَثِيرَةٍ»

. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: عَشْرُ أَمْثالِها بِإِضَافَةِ عَشْرُ إِلَى أَمْثالِها. وَهُوَ مِنْ إِضَافَةِ الصِّفَةِ إِلَى الْمَوْصُوف، وقرأه يَعْقُوبُ- بِتَنْوِينِ عَشْرُ وَرَفْعِ أَمْثالِها، عَلَى أنّه صفة ل عَشْرُ، أَيْ فَلَهُ عَشْرُ حَسَنَاتٍ مُمَاثِلَةٍ لِلْحَسَنَةِ الَّتِي جَاءَ بِهَا. وَمُمَاثَلَةُ الْجَزَاء للحسنة موكول إِلَى عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى وَفَضْلِهِ.

وَإِنَّمَا قَالَ فِي جَانِبِ السَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا بِصِيغَةِ الْحَصْرِ لِأَجْلِ مَا فِي صِيغَتِهِ مِنْ تَقْدِيمِ جَانِبِ النَّفْيِ، اهْتِمَامًا بِهِ، لِإِظْهَارِ الْعَدْلِ الْإِلَهِيِّ، فَالْحَصْرُ حَقِيقِيٌّ، وَلَيْسَ فِي الْحَصْرِ الْحَقِيقِيِّ رَدُّ اعْتِقَادٍ بَلْ هُوَ إِخْبَارٌ عَمَّا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَلِذَلِكَ كَانَ يُسَاوِيهِ أَنْ يُقَالَ:

وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَيُجْزَى مِثْلَهَا، لَوْلَا الِاهْتِمَامُ بِجَانِبِ نَفْيِ الزِّيَادَةِ عَلَى الْمُمَاثَلَةِ. وَنَظِيرُهُ

قَول النّبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ سَأَلَتْهُ هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ فَقَالَتْ: إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ مِسِّيكٌ فَهَلْ عَلَيَّ حَرَجٌ أَنْ أُطْعِمَ مِنَ الَّذِي لَهُ عِيَالَنَا، فَقَالَ لَهَا: «لَا إِلَّا بِالْمَعْرُوفِ»

وَلَمْ يَقُلْ لَهَا: أَطْعِمِيهِمْ بِالْمَعْرُوفِ. وَقَدْ جَاءَ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى

قَول النّبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللَّهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً وَإِنْ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللَّهُ سَيِّئَةً وَاحِدَةً»

فَأَكَّدَهَا بِوَاحِدَةٍ تَحْقِيقًا لِعَدَمِ الزِّيَادَةِ فِي جَزَاءِ السَّيِّئَةِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015