وَالتَّأْنِيثُ كَثِيرٌ فِي نَقْلِ الْأَوْصَافِ إِلَى الِاسْمِيَّةِ مِثْلَ الدَّاهِيَةِ وَالطَّامَّةِ وَالصَّاخَّةِ وَالْقَارِعَةِ وَالْآزِفَةِ.

والْغاشِيَةِ هُنَا: عَلَمٌ بِالْغَلَبَةِ عَلَى سَاعَةِ الْقِيَامَةِ كَمَا يُؤْذِنُ بِذَلِكَ قَوْلُهُ عَقِبَهُ وُجُوهٌ

يَوْمَئِذٍ

[الغاشية: 2] أَيْ يَوْم الغاشية.

[2- 7]

[سُورَة الغاشية (88) : الْآيَات 2 إِلَى 7]

وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ (2) عامِلَةٌ ناصِبَةٌ (3) تَصْلى نَارًا حامِيَةً (4) تُسْقى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ (5) لَيْسَ لَهُمْ طَعامٌ إِلاَّ مِنْ ضَرِيعٍ (6)

لَا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ (7)

وُجُوهٌ مُبْتَدَأٌ وخاشِعَةٌ خَبَرٌ وَالْجُمْلَةُ بَيَانٌ لِحَدِيثِ الْغَاشِيَةِ كَمَا يُفِيدُهُ الظَّرْفُ مِنْ قَوْلِهِ: يَوْمَئِذٍ فَإِنَّ مَا صَدَقُهُ هُوَ يَوْمُ الْغَاشِيَةِ. وَيَكُونُ تنكير وُجُوهٌ وَهُوَ مُبْتَدَأً قُصِدَ مِنْهُ النَّوْعُ.

وخاشِعَةٌ، عامِلَةٌ، ناصِبَةٌ أَخْبَارٌ ثَلَاثَةٌ عَنْ وُجُوهٌ، وَالْمَعْنَى: أُنَاسٌ خَاشِعُونَ إِلَخْ.

فَالْوُجُوهُ كِنَايَةٌ عَنْ أَصْحَابِهَا، إِذْ يُكَنَّى بِالْوَجْهِ عَنِ الذَّاتِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ [الرَّحْمَن: 27] . وَقَرِينَةُ ذَلِكَ هُنَا قَوْلُهُ بَعْدَهُ: لَيْسَ لَهُمْ طَعامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ إِذْ جُعِلَ ضَمِيرُ الْوُجُوهِ جَمَاعَةَ الْعُقَلَاءِ.

وَأُوثِرَتِ الْوُجُوهُ بِالْكِنَايَةِ عَنْ أَصْحَابِهَا هُنَا وَفِي مِثْلِ هَذَا الْمَقَامِ لِأَنَّ حَالَة الْوُجُوه تنبىء عَنْ حَالَةِ أَصْحَابِهَا إِذِ الْوَجْهُ عُنْوَانٌ عَمَّا يَجِدُهُ صَاحِبُهُ مِنْ نَعِيمٍ أَوْ شَقْوَةٍ كَمَا يُقَالُ:

خَرَجَ بِوَجْهٍ غَيْرِ الْوَجْهِ الَّذِي دَخَلَ بِهِ.

وَتَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ الْآيَةَ فِي سُورَةِ عَبَسَ [38] .

وَيَجُوزُ أَنْ يُجْعَلَ إِسْنَادُ الْخُشُوعِ وَالْعَمَلِ وَالنَّصَبِ إِلَى وُجُوهٌ مِنْ قَبِيلِ الْمَجَازِ الْعَقْلِيِّ، أَيْ أَصْحَابُ وُجُوهٍ.

وَيَتَعَلَّقُ يَوْمَئِذٍ بِ خاشِعَةٌ قُدِّمَ عَلَى مُتَعَلِّقِهِ لِلِاهْتِمَامِ بِذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَمَّا كَانَتْ (إِذْ) مِنَ الْأَسْمَاءِ الَّتِي تَلْزَمُ الْإِضَافَةَ إِلَى جُمْلَةٍ فَالْجُمْلَةُ الْمُضَافُ إِلَيْهَا (إِذْ)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015