وَ (حَتَّى) مُتَعَلِّقَةٌ بِ (ذَرْهُمْ) لِمَا فِيهِ مِنْ مَعْنَى، أَمْهِلْهُمْ وَانْتَظِرْهُمْ، فَإِنَّ الْيَوْمَ الَّذِي وُعِدُوهُ هُوَ يَوْمُ النُّشُورِ حِينَ يُجَازَوْنَ عَلَى اسْتِهْزَائِهِمْ وَكُفْرِهِمْ، فَلَا يَكُونُ غَايَةً لِ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا وَالْغَايَةُ هُنَا كِنَايَةٌ عَنْ دَوَامِ تَرْكِهِمْ.

وَإِضَافَةُ (يَوْم) إِلَى ضميرهم لِأَدْنَى مُلَابَسَةٍ.

وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ يُلاقُوا بِأَلِفٍ بَعْدَ اللَّامِ مِنَ الْمُلَاقَاةِ. وَقَرَأَهُ أَبُو جَعْفَرٍ بِدُونِ أَلِفٍ مِنَ اللِّقَاءِ.

وَاللِّقَاءُ: مُجَازٌ عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ: فَعَلَى قِرَاءَةِ الْجُمْهُورِ هُوَ مَجَازٌ مِنْ جِهَتَيْنِ لِأَنَّ الْيَوْمَ لَا يَلْقَى وَلَا يُلْقَى. وَعَلَى قِرَاءَةِ أَبِي جَعْفَرٍ هُوَ مَجَازٌ مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ لِأَنَّ اللِّقَاءَ إِنَّمَا يَقَعُ بَيْنَ الذَّوَاتِ.

ويَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ بَدَلٌ مِنْ يَوْمَهُمُ لَيْسَ ظَرْفًا.

وَالْخُرُوجُ: بُرُوزُ أَجْسَادِهِمْ مِنَ الْأَرْضِ.

وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ يَخْرُجُونَ بِفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ. وَقَرَأَهُ أَبُو بَكْرٍ عَنْ عَاصِمٍ بِضَمِّهَا عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ.

والْأَجْداثِ: جَمَعُ جَدَثٍ بِفَتْحَتَيْنِ وَهُوَ الْقَبْرُ، وَالْقَبْرُ: حَفِيرٌ يُجْعَلُ لِمُوَارَاةِ الْمَيِّتِ.

وَضَمِيرُ يَخْرُجُونَ عَائِدٌ إِلَى الْمُشْركين الْمخبر عَنهُ بِالْأَخْبَارِ السَّابِقَةِ. وَجَمِيعُهُمْ قَدْ دُفِنُوا فِي قُبُورٍ أَوْ وُضِعُوا فِي قَلِيبِ بَدْرٍ.

وَالنَّصْبُ بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ: الصَّنَمُ، وَيُقَالُ: نُصُبٌ بِضَمَّتَيْنِ، وَوَجْهُ تَسْمِيَتِهِ نُصُبًا أَنَّهُ يُنْصَبُ لِلْعِبَادَةِ، قَالَ الْأَعْشَى:

وَذَا النُّصُبَ الْمَنْصُوبَ لَا تَنْسُكَنَّهُ ... وَلَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ وَاللَّهَ فَاعْبُدَا

ويُوفِضُونَ مُضَارِعُ أَوْفَضَ، إِذَا أَسْرَعَ وَعَدَا فِي سَيْرِهِ، أَيْ كَأَنَّهُمْ ذَاهِبُونَ إِلَى صَنَمٍ، شُبِّهَ إِسْرَاعُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَى الْحَشْرِ بِإِسْرَاعِهِمْ فِي الدُّنْيَا إِلَى الْأَصْنَامِ لِزِيَارَتِهَا لِأَنَّ لِهَذَا الْإِسْرَاعِ اخْتِصَاصًا بِهِمْ، وَفِي هَذَا التَّشْبِيهِ إِدْمَاجٌ لِتَفْظِيعِ حَالِهِمْ فِي عِبَادَةِ الْأَصْنَامِ وَإِيمَاءٌ إِلَى أَنَّ إِسْرَاعَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِسْرَاعُ دَعٍّ، وَدَفْعٍ جَزَاءً عَلَى إِسْرَاعِهِمْ لِلْأَصْنَامِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015