فصل: عجائب الخلق في الأنف

المسموعات إليهما على نسبةٍ واحدةٍ.

وخُلقت "العَينان" بغِطَاءٍ، و"الأذُنان" بغير غطاءٍ. وهذا في غاية الحكمة؛ إذ لو كان للأذنين غطاءٌ لَمَنع الغطاء إدراك الصوت، فلا يحصل إلا بعد ارتفاع الغطاء، والصوتُ [ك/88] عَرَضٌ لا ثبات له، فكان يزول قبل كشْفِ الغطاء، بخلاف ما تراه "العين"، فإنه أجسامٌ وأعراضٌ ثابِتةٌ؛ فلا تزول فيما بين كشف الغطاء وفتح "العين".

وجعل -سبحانه- "الأذُن" عضوًا غُضْرُوفيًّا ليس بلحمٍ مُسْتَرْخٍ، ولا عَظْمٍ صُلْبٍ، بل هي بين الصَّلاَبة واللِّين، فتُقْبِلُ بلِينها، وتُحفظ بصلابتها، ولا تنصدع انصداع العظام، ولا تتأثرُ بالحرِّ وَالبرد والشمسِ والسَّمُومِ تأثر اللَّحْمِ؛ إذ المصلحة في بُرُوزِها دائمًا لتتلقَّى ما يَرِدُ عليها من الأصوات والأخبار.

فصل

ومن ذلك: "الأنفُ"؛ نَصَبَهُ اللَّهُ -سبحانه وتعالى- في وَسْط الوجه قائمًا معتدلاً، في أحسن شَكْلٍ وأَوْفَقِهِ (?) للمنفعة، وأَوْدَعَهُ حاسَّةَ الشَّمِّ، التي يُدْرِكُ بها الأرًايح وأنواعها، وكيفياتها، ومنافعَها، ومضارَّها. ويستدلُّ بها على مَضَارِّ الأغذية والأدوية ومنافعِها.

وأيضًا؛ فإنَّه يستنشِقُ بـ"المِنْخَرَين" الهواءَ الباردَ الرَّطْبَ، فيؤدِّيه إلى "القلب"، فيتروَّحُ به، فيستغني بذلك عن فتح "الفَمِ" أبدًا.

وجعل تجويفه بقَدْر الحاجة، فلم يوسِّعْهُ عن ذلك، فيَدْخُلَه هواءٌ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015