فهذه النشأة الأولى ثم قال {وإذا شئنا بدلنا أمثالهم تبديلا} فهذه النشأة الأخرى ونظير هذا {وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثى من نطفة إذا تمنى وأن عليه النشأة الأخرى} وهذا في القرآن كثيرا جداً يقرن بين النشأتين مذكراً للفطر والعقول بإحداهما على الأخرى وبالله التوفيق

فصل

فلما أقام عليهم الحجة وقطع المعذرة قال {فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ} وهذا تهديد شديد يتضمن ترك هؤلاء الذين قامت عليهم حجتي فلم يقبلوها ولم يخافوا بأسي ولا صدقوا رسالاتي في خوضهم بالباطل ولعبهم فالخوض في الباطل ضد التكلم بالحق واللعب ضد السعي الذي يعود نفعه على ساعيه فالأول ضد العلم النافع والثاني ضد العمل الصالح فلا تكلم بالحق ولا عمل بالصواب وهذا شأن كل من أعرض عما جاء به الرسول لا بد له من هذين الأمرين

ثم ذكر سبحانه حالهم عند خروجهم من القبور فقال {يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الأَجْدَاثِ سِرَاعاً كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ} أي يسرعون والنصب العلم والغاية التي تنصب فيؤمونها وهذا من ألطف التشبيه وأبينه وأحسنه فإن الناس يقومون من قبورهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015