الجاثية

سُورَةُ الْجَاثِيَةِ.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.

قَالَ تَعَالَى: (وَفِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِنْ دَابَّةٍ آيَاتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (4) وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ آيَاتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (5)) .

قَوْلُهُ تَعَالَى: (آيَاتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) : يُقْرَأُ بِكَسْرِ التَّاءِ، وَفِيهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ «إِنَّ» مُضْمَرَةٌ حُذِفَتْ لِدَلَالَةِ إِنَّ الْأُولَى عَلَيْهَا، وَلَيْسَتْ «آيَاتٌ» مَعْطُوفَةً عَلَى آيَاتٍ الْأُولَى لِمَا فِيهِ مِنَ الْعَطْفِ عَلَى عَامِلَيْنَ.

وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ كَرَّرَ «آيَاتٍ» لِلتَّوْكِيدِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ لَفْظِ آيَاتٍ الْأَوْلَى، فَأَعْرَبَهَا بِإِعْرَابِهِ؛ كَقَوْلِكَ: إِنَّ بِثَوْبِكَ دَمًا، وَبِثَوْبِ زَيْدٍ دَمًا؛ فَدَمٌ الثَّانِي مُكَرَّرٌ؛ لِأَنَّكَ مُسْتَغْنٍ عَنْ ذِكْرِهِ.

وَيُقْرَأُ بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ مُبْتَدَأٌ، وَ «فِي خَلْقِكِمْ» : خَبَرُهُ؛ وَهِيَ جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ.

وَقِيلَ: هِيَ فِي الرَّفْعِ عَلَى التَّوْكِيدِ أَيْضًا.

وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ) فَمَجْرُورَةٌ بِفِي مُقَدَّرَةٍ غَيْرِ الْأُولَى.

وَ (آيَاتٌ) بِالْكَسْرِ وَالرَّفْعِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ.

وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ «اخْتِلَافِ» مَعْطُوفًا عَلَى الْمَجْرُورِ بِفِي، وَ «آيَاتٍ» تَوْكِيدٌ.

وَأَجَازَ قَوْمٌ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ بَابِ الْعَطْفِ عَلَى عَامِلَيْنَ.

قَالَ تَعَالَى: (تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ (6)) .

قَوْلُهُ تَعَالَى: (نَتْلُوهَا) : قَدْ ذُكِرَ إِعْرَابُهُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: (نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) [الْبَقَرَةِ: 252] .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015