وَلَعَلَّ الشَّيْطَانَ يُرِيدُ أَنْ يَفْتِنَكَ فَيَقُولُ لَكَ: إِنَّ وَاجِبَكَ التَّطْبِيبُ فَقَطْ لاَ التَّبْشِيرُ. فَلاَ تَسْمَعْ مِنْهُ» (?). ولقد تنبه (دانيال بلس)، الرئيس الأول للجامعة الأمريكية في بيروت، إلى كل هذا وإلى غيره أيضًا فأشار إلى الأطباء الدجالين الذين يتعرضون لمداواة الناس فإذا جاءهم المريض انصرف من عندهم بنسخة حسنة الطبع من الإنجيل وبوصفة خاطئة. ويعلق (دانيال بلس) نفسه على هذا الحديث بقوله: «وَبَعْدَ أَيَّامٍ يَكْتَشِفُ المَرِيضُ أَنَّ إِنْجِيلَ الطَّبِيبِ كَدَوَائِهِ» (?). وهنالك حوادث وأقوال مشابهة لهذه التي عددناها، أو هي تخالفها قليلاً، لا نميل إلى تعدادها لأنها تحمل على الملل. ولكن لا بأس من أن ننبه عليها تنبيهًا (?).

جَهْلُهُمْ وَكُرْهُهُمْ لِلْعِلْمِ:

ولكن لم تكن جميع أخطاء الأطباء المبشرين في الطب جهلاً، بل كان بعضها عنادًا وتعصبًا.

ذكر الشيخ (مصطفى الغلاييني) في خطاب ألقاه في ذكرى مولد الرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في 12 ربيع الأول 1328 هـ (24 آذار 1910 م) شيئًا من هذا قال (وإن لم يقصد هو به ما نريد به نحن): «وَأَقْرَبُ مِثَالٍ عَلَى هَذَا أَمْرٌ جَرَى فِي بَيْرُوتَ، وَذَلِكَ أَنَّ الدُّكْتُورَ (وَرْتْبَاتْ) الأَمِرِيكَانِي الفَيْلَسُوفُ العَالِمُ الطَّبِيبُ كَانَ يُنْكِرُ عَدْوَى الجُذَامِ، مَعَ أَنَّ الرَّسُولَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " فِرَّ مِنَ المَجْذُومِ فِرَارَكَ مِنَ الأسَدِ ". ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ صِحَّةَ الحَدِيثِ وَتَحَقُّقِ عَدْوَى هَذَا المَرَضِ فَصَرَّحَ بِأَنَّهُ مُعْدٍ ...» (?).

بقي هنالك أشياء قليلة يجب أن تقال مفصلة. يقول بعضهم: إن مكان التنصير إنما هو في مستشفيات الإرساليات التبشيرية. ثم يذكر أن المستشفيات قد استغلت لهذه الغاية بصراحة. وهنالك اليوم عزم للاعتماد على الأعمال الطبية للوصول إلى الآذان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015