الهندية؛ فإنها - مع كونها بأيدي البريطانية - آمنة مطمئنة لقوم مسلمين. وسمعت أن الحال هكذا في سائر بلاد المغرب من ممالك الشام والروم وسائر أقطار الأريسيين؛ فإن المُتَّبِعَ للسنن، والعاملَ بالدليل، والمتمسكَ بالحديث، والمعتصمَ بالكتاب، والتاركَ للتقليد، لا يستطيع أن يُقيم أو يقومَ بين أظهرهم، ويفوهَ وينطقَ ويُفْصِحَ بما يجب عليه من أمرهم ونهيهم.

ولا بد للهجرة من دار إلى دار من الأمان، والأمنُ قد ارتفع في هذا الزمان من كل مكان، وقد بلغني عن بعض الرواة الثقات: أن بعض مَنْ بمكة من الفقهاء الهندية يفتي بقتل العَمَلَة بالأدلةِ والفَعَلَة للسنة، ويقول: يُقتل هؤلاء سياسة، وهذا من الجهل والظلم والضلالة بمكان لا يخفى، ولا ينطق به لسانُ أحد من له أدني حظ من علم، فضلًا عمن يعرف الشرع ويتلَبَّسُ به، وإنما يقول به وبمثله ونحوِه مَنْ أعمى اللهُ بصرَ بصيرته، وذهبَ بنور الإسلام من قلبه وقالبه بِرُمَّته.

ويا لله العجب! يُقتل الرجلُ، يقولُ: ربي الله، ونبيي محمد، وديني الإسلام، ويُهدر دمُه المعصوم، ولا يُسفك دمُ من يقلد الآراء، ويتبع الأهواء، ويُحْدِث المُحْدَثات، ويجتهد في البدعات، ويجدِّد المهلكات، ويحبُّ الدنيا، يؤثرها على الآخرة، ويدعُ الدين، ويَذَرُ سنة سيدِ المرسلين، ويحطُّ على أهل الكتاب والسنة، ويحمي حِمَى الضلالة والبدعة، ويحرِّضُ الحكامَ على أذى المُتَّبِعين، ويكذب عندهم بما يسوّل له الشياطين، فإلى الله المشتكى .... ثم إلى الله المشتكى .... وعلى الجملة: فزمانُنا الحاضر زمانُ شَرًّ وشرُّ زمان، ومكانُنا الموجود أضرُّ مكان وأسوأُ ديار الإمكان، فأين المفر، وقد علم الله - سبحانه وتعالى - ما صارت إليه الحال، وآل إليه المآل؟! شعر:

والعَفْوُ يُرْجَى من بَني آدم ... فكيفَ لا يُرْجَى مِنَ الرَّبِّ

فإنَّه أَرْأَفُ بِي منهمُ ... حَسْبي بِه حَسْبِي به حَسْبي

وإني الآن أسألُ الله العظيم الذي لا إله إلا هو ربَّ العرش العظيم، أَنْ يُحسن ختامي، ويُنيلني من خيرَي الدنيا والآخرة مَرامي، ويسددني في الأقوال والأفعال والأحوال كلها، ويحفظَني عن الشرور وأهلها، دِقِّها وجِلِّها، وينزع حُبَّ الدنيا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015