النبوة والرسالة نطفة، وقد يفرقون بين أولاد البنين والبنات، ولم يفهموا مشاركة حطب الأغصان لهم والنبات.

كأنَّ الله لم يخلُقْه إلا ... لتنعطفَ القلوبُ على يزيد

وقد قال أصحاب التواريخ: إن أول حدوث هذه العلامة كان في سنة 773، لما أمر الملك الأشرف بمصر أن يميز الأشراف عن الناس بعصائب خضر على العمائم، وفي "الطبقات الكبرى" للسبكي: أن من أئمة الشافعية أحمدَ بن عيسى - شارح "التنبيه" - استنبط من قوله تعالِى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ} [الأحزاب: 59] أن ما يفعله علماء هذا الزمان، في ملابسهم من سعة الأكمام والعِمَّة ولبسِ الطيلسان، حسن وإن لم يفعله السلف؛ لأن فيه تمييزًا لهم، وبذلك يُعرفون، فيُلتفت إلى فتاواهم وأقوالهم، انتهى. ومنه يعلم أن تمييز الأشراف بعلامة أمر مشروع أيضًا لما سمعته آنفًا.

أقول: فيه أمران: الأول: إن قولهم: كان ذلك أولاً بأمر الملك الأشرف يرد عليه ما نقله السخاوي في كتابه "مناقب العباس": أن عليًا الرضا بن موسى الكاظم عهد له الخليفة العباسي، وجعله وليَّ عهده بعده، وبويع، فغير لباس العباسيين - وهو السواد - بلبس الأخضر، فساء ذلك العباسيين، ولكنه عوجل؛ فإنه مات سنة 203 في حياة المأمون وعد ذلك من الألطاف؛ لما فيه من سد باب الفتنة، انتهى.

الثاني: ما نقل من أن زِيَّ العلماء والأشراف سنة، رده ابن الحاج في "المدخل" بأنه مخالف لزيهم في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وزمن الخلفاء الراشدين ومَنْ بعدهم من خير القرون، فإن قيل: إنهم به يعرفون، قيل: إنهم لو بقوا على الزي الأول، عرفوا به أيضًا؛ لمخالفة ما عليه غيرهم الآن، وأطال في إنكار ما قالوه، وقد يجاب عنه، فتأمل فيه، انتهى. قال: لم يزل الناس على وضع الريحان - ونحوِه من الخضر - على القبور، وقد ورد هذا في الحديث وفي الأشعار، وعليه عملُ الناس إلى الآن، حتى وقفوا لذلك أوقافًا، وأنكره ابن الحاج في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015